محفوظا، بالكتاب، أو السنة المقطوع بها، أو بهما معا، أو بالإجماع، أو بأخبار الآحاد، أو بالرأي والقياس، أو بمعصوم. ومن زاد على هذه الأجناس السبعة خالفه الإجماع.
أما الكتاب فمعلوم أن تفاصيل الشرع ليست مبينة فيه، فكيف يكون الشرع به محفوظا. ثم الكتاب نفسه لا بد له من حافظ أيضا موثوق به يحفظه من التبديل والتغيير لتطرقهما إليه.
وأما السنة المقطوع بها والإجماع فمعلوم أيضا أن جميع الشرع ليس مبينا فيهما، إذ لو كان كذلك لارتفع الخلاف فيه.
وأما أخبار الآحاد التي ليست بموافقة، والرأي والقياس فلم يثبت لهم حجة على الأصح من الأقوال، فكيف يحفظ الشرع بهم.
فتعين كون الشرع محفوظا بإمام معصوم، وهو المطلوب.
فإن قيل: هذا الدليل والذي قبله يدلان على وجوب العمل بالقياس والاجتهاد في الرأي، لأن جميع ما تعبدنا الله به في الشرع ليس مبين في الكتاب ولا في السنة ولا حصل الإجماع عليه، فلا بد وأن يكون لنا طريق إلى معرفة المسكوت عنه في هذه الأدلة من قول معصوم أو الرجوع إلى الرأي والقياس، ولم يثبت وجود معصوم، فيجب الرجوع إلى القياس والاجتهاد في الرأي، وإلا كان تكليف ما لا يطاق.
فالجواب: إن الدليل القاهر قد دل على أن التعبد بالقياس والاجتهاد في الرأي غير جائز في الشرعيات - على ما هو مبين في أصول الفقه - مع أن كثيرا من أهل الجمهور قال ببطلانه، منهم الفخر الرازي، فإنه أبطل القياس من أربعين وجها، وليس هذا الكتاب بصدد أصول الفقه.