الحواس فتحسه، ولا تلمسه الأيدي فتمسه. لا يتغير بحال، ولا يتبدل في الأحوال، ولا تبليه الليالي والأيام، ولا يغيره الضياء والظلام، ولا يوصف بشئ من الأجزاء، ولا بالجوارح والأعضاء، ولا بعرض من الأعراض، ولا بالغيرية والأبعاض، ولا يقال له حد ولا نهاية، ولا انقطاع ولا غاية ولا أن الأشياء تحويه فتقله أو تهويه، أو أن شيئا يحمله فيمليه [أو يعد له].
(ليس في الأشياء بوالج، ولا عنها بخارج، يخبر لا بلسان ولهوات، ويسمع لا بخروق وأدوات. يقول ولا يلفظ، ويحفظ ولا يتحفظ، ويريد ولا يضمر. يحب ويرضى من غيره رقة، ويبغض ويغضب من غير مشقة).
(يقول لما أراد كونه كن فيكون، لا بصوت يقرع، ولا بنداء يسمع، وإنما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه، ومثله لم يكن من قبل ذلك كائنا، ولو كان قديما لكان إلها ثانيا).
(لا يقال كان بعد أن لم يكن فتجري عليه الصفات المحدثات، ولا يكون بينها وبينه فصل ولا له عليها فضل، فيستوي الصانع والمصنوع، ويتكافأ المبتدع والبديع).
(خلق الخلائق على غير مثال خلا من غيره، ولم يستعن على خلقها بأحد من خلقه. وأنشأ الأرض فأمسكها من غير اشتغال، وأرساها على غير قرار، وأقامها بغير قوائم، ورفعها بغير دعائم، وحسنها من الأود والإعوجاج، ومنعها من التهافت والانفراج. أرسلي أوتادها، وضرب أسدادها، واستفاض عيونها، وخد أوديتها، فلم يهن ما بناه، ولا ضعف ما قواه).