عند الله أم عند نفسك؟
فقال أمير المؤمنين: أنا مؤمن عند الله كما أني مؤمن في عقيدتي.
فقال الجاثليق: الله أكبر، هذا كلام واثق بدينه متحقق منه بصحة يقينه، فخبرني الآن عن منزلتك في الجنة ما هي؟
فقال: منزلتي مع النبي الأمي في الفردوس الأعلى، لا أرتاب بذلك ولا أشك في الوعد به من ربي.
قال له: فبماذا عرفت الوعد بالمنزلة التي ذكرتها؟
قال أمير المؤمنين عليه السلام: بالكتاب المنزل وصدق النبي المرسل.
قال: فبماذا عرفت صدق نبيك؟
قال: بالآيات الباهرات والمعجزات البينات.
قال الجاثليق: هذا طريق الحجة لمن أراد الاحتجاج، فخبرني عن الله تعالى أين هوم اليوم؟
قال: يا نصراني إن الله تعالى يجل عن الأين ويتعالى عن المكان، كان فيما لم يزل ولا مكان، وهو على ذلك اليوم، ولم يتغير من حال إلى حال.
قال: أجل، أحسنت أيها العالم وأوجزت في الجواب، فخبرني عن الله تعالى أيدرك بالحواس عندك فيسك بالمسترشد في طلبه استعمال الحواس، أم كيف طريق المعرفة به إن يكن الأمر كذلك؟
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: تعالى الملك الجبار أن يوصف بمقدار أو تدركه الخمس الحواس أو يقاس بالناس، والطريق إلى معرفته صنائعه الباهرة للعقول الدالة ذوي الاعتبار بما هو منها مشهور ومعقول.
قال الجاثليق: صدقت، هذا والله هو الحق الذي قد ضل عنه التائهون