فاضت ثم فاضت (1).
وأراد بقوله (أصيلع التعظيم لعلي عليه السلام، لأن العرب إذا عظمت شيئا صغرته.
وأما عمرو بن بحر الجاحظ المكنى بأبي عثمان الذي هو طراز البلاغة والبيان الذي ملك زمام الفصاحة وكان علامة الدهر، قد تحير قلبه ودهش لبه فيما جمعه من الكلمات التي اعترف أنها قد حوت متفرق المعاني الحكمية المتضمنة لمكارم الأخلاق النفسانية التي أولها (لو كشف الغطاء لما ازددت يقينا. الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا. الناس بزمانهم أشبه من آبائهم. ما هلك امرؤ عرف قدره. قيمة كل امرئ ما يحسن. من عرف نفسه فقد عرف ربه. المرء مخبوء تحت لسانه. من عذب لسانه كثر إخوانه. بالبر يستعبد الحر) إلى تمامها (2).
ومعلوم أن كلامه عليه السلام إذا وقف عليه من رزق الهداية رآه منضودا في عقد من الألفاظ الرائقة؟ لا بالمستعمل الخلق ولا بالمشكل الغلق، بل هو أشهى إلى النفوس الخيرة والطباع الحسنة من الخرد الحسان، فأعلق بالقلوب من تعلق الجزع بالأمان (3).
فإن وجدت مثله منسوبا إلى غيره فقل بتفضيله، وإن رأيت شاردا أو واردا منها عن سواه فلا تعرض عن تبجيله وتقديمه، وانزل بساحة رفعته