في الجهالات، فخبرني الآن عما قال نبيكم في المسيح وأنا مخلوق، ومن أين أثبت له الخلق ونفى عنه الإلهية وأوجب فيه النقص، وقد عرفت ما يعتقد فيه كثير من المتدينين؟
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أثبت له الخلق بالتقدير الذي لزمه والتصوير والتغيير من حال إلى حال، والزيادة التي لم تنفك منها والنقصان، ولم ينف عنه النبوة ولا أخرجه عن العصمة والكمال والتأييد، وقد جاءنا عن الله تعالى أنه مثل آدم خلقه من تراب ثم قال له: كن فيكون.
فقال الجاثليق: هذا ما لا يطعن فيه، غير أن الحجاج تشترك فيه الحجة على الخلق والمحجوج منهم، فبم ثبت أيها العالم من الرغبة الناقصة عنك؟
قال: بما أخبرك به من علمي بما كان وما يكون.
قال الجاثليق: فهلم شيئا من ذكر ذلك أتحقق به صحة دعواك.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: خرجت أيها النصراني من مستقرك مستقرا لمن قصدت بسؤالك له، مضمرا خلاف ما أظهرت من الطلب والاسترشاد، فأريت في منامك مقامي وحدثت فيه بكلامي وحذرت فيه من خلافي وأمرت فيه باتباعي.
قال: صدق الله الذي بعث المسيح، ما اطلع على ما أخبرتني به إلا الله تعالى، وأنه أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وأنك وصي رسول الله وأحق الناس بمقامه.
وأسلم الذين كانوا معه كإسلامه، وقالوا: نرجع إلى صاحبنا فنخبره بما وجدنا عليه هذا الأمر وندعوه إلى الحق.
فقال عمر: الحمد لله الذي هداك أيها الرجل إلى الحق وهدى من معك