وجه آخر من العلم الضروري:
إنه كيف ما فرض لطف الإمامة، فإنه إما أن يكون صافيا عن المفسدة وراجحا عليها، لأنه لو جوز خلاف هذين الأمرين لما حكم العقل بوجود الصلاح مع الإمام وانتفائه مع عدمه حكما مطلقا، لكن العقل حكم بذلك مطلقا، فلا يكون ذلك الاحتمال مؤثرا في إيجاب ذلك اللطف.
فإن قيل: لا نسلم تعين وجوب الإمامة على الله تعالى، لأنه لا يحتمل أن يكون هناك لطف آخر يقوم مقامها.
فالواجب: تجب الإمامة على الله تعالى لأنه لطف مقرب، بدليل أن اللطف مفض إلى غرض المكلف، وليس فيه وجه من وجوه القبح كما تقدم ولا يؤدي إلى ما لا نهاية له، وكل ما كان كذلك فهو واجب في الحكمة.
أما أنه مفض إلى غرض المكلف فلأن الكلام على هذا التقدير، وأما أنه ليس فيه (1) وجه من وجوه القبح فلأن وجوه القبح مضبوطة وليس فيه شئ منها. وإن كل ما كان كذلك كان واجبا في الحكمة، فلأن داعي الحكمة متعلق [به] (2) والصوارف منتفية عنه، وكل ما تعلق به الداعي وانتفى الصارف عنه فإنه يجب أن يفعل.
وجه آخر:
لو لم يفعل الباري تعالى اللطف على هذا التقدير لكان ناقضا لغرضه، ونقض الغرض قبيح.