إلي! قال: ثم سمى جماعة من رؤساء العسكر، وطوى كتابه وختمه. ثم تركه حتى جف ختمه، ثم جعل يرسل إلى رجل بعد رجل من أجلاء عسكره فيخلو به فيقول:
يا هذا! هل أذنبت إلى الحجاج ذنبا؟ فيقول الرجل: لا والله أيها الأمير ما أعرف لي ذنبا إلى الحجاج، فيقول له: ويحك! فهذا كتابه إلي فيك يأمرني بقتلك، ولا والله ما كنت بالذي أقتل مثلك فاكتم علي هذا، قال: فلم يزل ابن الأشعث كذلك حتى غلظ قلوب الاشراف على الحجاج، ثم قال: ألا ترون أنه يكتب إلي ويأمرني بالدخول إلى بلاد الداور وإلى أرض رتبيل والاقدام عليه في بلده، ورتبيل في وقته هذا نيف على مائة ألف، والله ما يريد بهذا إلا أن تهلكوا كما هلك جيش ابن أبي بكرة، وأخرى فإنه قد سار فيكم بما قد علمتم وشردكم في البلاد، وقد نبذ كتاب الله وراء ظهره، وأنا قد عزمت على خلعه وخلع صاحبه عبد الملك بن مروان، فماذا ترون؟ قالوا: ذا إليك أيها الأمير! وأمورنا تبع لأمرك (1). قال: فإني أريد أن أقوم فأخطب، فإذا أنتم سمعتموني أذكر بني مروان تقوموا فتكلموا بما بدا لكم! قال: ثم نادى ابن الأشعث في أصحابه فجمعهم، ثم قام فيهم خطيبا فحمد الله واثنى عليه، ثم ذكر بني مروان وسوء سيرتهم وما ارتكبوا من العامة، ثم ذكر الحجاج وما صنع قبل ذلك بعبد الله بن الزبير والحرم. قال: فوثب أولئك الرؤساء الذين أقرأهم الكتاب الذي صنعه عن الحجاج في قتلهم، فقالوا: أيها الأمير! فاخلعه - خلعه الله وخلع صاحبه من رحمته! قال ابن الأشعث: فإننا قد خلعنا ابن مروان وخلعنا الحجاج بن يوسف، ونحن منصرفون إلى جهادهم ومحاربتهم إن شاء الله ولا قوة إلا بالله.
قال: وقد كان في عسكر ابن الأشعث رجل يقال له مصقلة بن رقبة العبدي