وفرسان أهل العراق حتى صاروا إلى فارس، وبها يومئذ رجل يقال له هميان (1) بن عدي السدوسي في عسكر لجب، غير أنه كان عاملا للحجاج فخالفه وعصى عليه وخلع الطاعة. قال: فحاربه ابن الأشعث حتى هزمه من فارس إلى كرمان وقتل عامة أصحابه، ثم بعث برؤوسهم إلى الحجاج وكتب إليه يخبره بموافقته إياهم.
قال: ثم سار إلى الأشعث إلى كرمان وكتب الحجاج إلى عبيد الله بن أبي بكرة فعزله عن سجستان، فخرج يريد العراق فأدركه الموت فمات في الطريق.
قال: وسار ابن الأشعث إلى رخج (2) فنزلها واقام بها. وجعل الحجاج يكتب إليه ويستحثه ويأمره بالمسير إلى رتبيل والاقتحام عليه في بلده. قال: وعبد الرحمن يكتب إليه: أيها الأمير! لا تعجل علي، فإني وجهت عيوني ليأتوني بأخبار البلد وأنا قادم عليه إن شاء الله ولا قوة إلا بالله (3). ثم كتب عبد الرحمن إلى رتبيل ملك كابل: أما بعد فإنك علج قد تعديت طورك، ودخلت في غير حدك، وكسرت خراج أمير المؤمنين، وقتلت المسلمين، وقد أعذر من أنذر، وأنا سائر إليك في الحد والحديد، والخيل والجنود، ثم إني لا أعاملك معاملة من كان قبلي، لكني أطأ بلدك، وأقتل ولدك، وآخذ مالك، وأسبي حريمك إن شاء الله. قال: فلما ورد كتاب ابن الأشعث على رتبيل كتب إليه: أيها الأمير! إنه لم يدعني إلى قتال أصحابك إلا ما حملوني عليه وما بدأوني به من الغدر وسوء السيرة، ولولا ذلك لم أفعل ما فعلت، وأنا نازل عندما أحببت، وغير مخالف أيها الأمير فيما أردت - والسلام -. قال: ثم وجه رتبيل بكتابه إلى عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث حتى صار في جمع عظيم.
قال: وعزم ابن الأشعث على الخلع والعصيان، وكره الدخول إلى أرض الداور، ثم إنه جلس فكتب كتابا عن لسان الحجاج بن يوسف إلى عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث: أما بعد فإذا قرأت كتابي هذا فاقتل فلانا وفلانا وابعث برؤوسهم