لي، فقال: نعم يا أمير المؤمنين! هو رحل آدم، طويل، أفوه، فصيح، حسن الرواية للشعر، كثير الصلاة، ما دفعت إلى رجل هو أكثر صلاة منه ولا أعبد. قال فقال عبد الملك بن مروان: ويحك يا أبا زرعة! هذه صفة رجل مسلم زاهد، وإني لأحسبه حروري أهل العراق، ولكن إذا رجعت إلى منزلك فسله من الذي يقول:
إني لأحسبه يوما فأذكره (1) * من أرجح الناس عند الله ميزانا يا ضربة بحسام (2) ما أراد بها * إلا ليبلغ من ذي العرض رضوانا قال: فقال روح بن زنباع: إني قد سألت عن ذلك يا أمير المؤمنين، فأخبرني بهذا الشعر ورواه لي عن آخره وذكر أنه لعمران بن حطان في ملجم (3) وضربته علي بن أبي طالب! قال فقال: يا غلام! علي بكتاب الحجاج! فجاء به فإذا فيه:
وإني لأخبرك يا أمير المؤمنين أن رأسا من رؤوس الخوارج يقال له عمران بن حطان كان قد أفسد قياما من الناس بالعراق، وقد كنت أردت أخذه، فلما ضاقت عليه العراق لطلبي إياه خرج إلى الشام، فهو ينتقل في مدائنها، وعلامته يا أمير المؤمنين أنه رجل آدم طويل أفوه، فإن ظفرك الله به فسرحه إلي لأطهر منه البلاد، وأريح منه العباد - والسلام -.
قال فقال روح: هذه والله صفته يا أمير المؤمنين! قال عبد الملك بن مروان:
فجئني به يحدثني يوما واحدا وهو آمن بأمان الله، واكتب له كتابا منشورا أن لا سبيل للحجاج عليه أبدا ما بقي. قال: فانصرف روح بن زنباع إلى منزله، ثم قال: أيها الشيخ! إن أمير المؤمنين أحب زيارتك فزره إن شئت، فإنه أمرني بذلك، فقال: ما أشوقني إلى محادثة أمير المؤمنين، لكني أخاف على نفسي، ولكن ائتني منه بكتاب أمان بخط يده. قال: فركب روح بن زنباع (4) فرسه ومر على وجهه، فقال عبد الملك بن مروان: أما الأمان فأكتبه لك، ولكني أظنك لا تجده في منزلك إذا رجعت فاعلم ذلك! فانصرف روح بن زنباع إلى منزله فإذا الامر على ما قال