قال: فعلم زفر بن الحارث أنه عمران بن حطان، فطلبه ليأخذ أشد الطلب ليرده إلى منزله ويأخذ له الأمان، فلم يقدر عليه.
قال: ومضى عمران بن حطان حتى صار إلى بلاد عمان فنزل على قوم من الأزد وكانوا يرون رأيه ويتناشدون أشعاره ويبكون عليه وعلى أبي بلال الحروري قال: فتعرف إليهم عمران بن حطان وأقام بينهم آمنا مطمئنا لا يخاف أحدا ثم أنشأ يقول (1):
نزلت بحمد الله في خير أسرة * أسر بنا فيهم من الانس والخفر نزلت بقوم يجمع الله شملهم * وليس لهم عود سوى الحق يعتصر من الأزد إن الأزد أكرم أسرة * يمانية حقا إذا نسب البشر فأصبحت فيهم آمنا لا كمعشر * بدوني وقالوا من ربيعة أو مضر أو الحي قحطان وتلك سفاهة * كما قال لي روح وصاحبه زفر وما منهما إلا يسر بتهمة * تقربني منه وإن كان ذا زمر فنحن بنو الاسلام والله واحد * وأولى عباد الله بالحق من شكر قال: فلم يزل عمران بن حطان مقيما بأرض عمان مدة من عمره إلى أن مات الحجاج وتغيرت الأمم، ثم صار إلى البصرة وبها يومئذ رجل يقال له سويد بن منجوف، وتحته امرأة من بنات الخوارج يقال لها حمرة، فلما سمعت بعمران بن حطان وعبادته ونسكه بعثت إليه أن خلصني من سويد بن منجوف فإني قد كرهته، وقد أحببت أن أكون لك فإن رأيي رأيك وديني دينك. قال: فأقبل عمران ومعه نفر من الخوارج حتى استأذنوا على سويد، فأذن لهم، فدخلوا وجلسوا فقال عمران:
أيها الرجل! إننا قد أتيناك في أمر لا أظن أن أحدا قبلنا جاء في مثله، قال: وما ذاك يا أبا شهاب؟ قال: إن حمرة امرأة من بنات المسلمين وقد كرهتك ونحن نحب أن تخلي سبيلها فإن أعوانها عليك من المسلمين كثير، فخل سبيلها طائعا فهو خير لك وأحسن بك. قال: فاتقى سويد على نفسه من الخوارج، ثم صاح بها وقال: يا حمرة! ما تقولين فيما تسمعين؟ فقالت: لا خير لك في مستكره ولست أحل لك لأنك لست على ديني ورأيي! قال: فخلى سويد سبيلها. فلما انقضت عدتها