الري فنزلها، وقطري بن الفجاءة يومئذ بطبرستان قد تغلب عليها فأخذها وجعل يجبي خراجها. قال: فسار إليه سفيان بن الأبرد في جيشه ذلك، فبلغ ذلك قطري بن الفجاءة فجمع إليه أصحابه من الأزارقة ومن التأم إليه من أهل البلد، ودنا القوم بعضهم من بعض (1) فاقتتلوا قتالا شديدا. قال: وكان تحت قطري بن الفجاءة برذون له أشهب، فكبا به البرذون فسقط قطري وسقط عليه البرذون، فكسر فخذه وأحاطت به الخيل من كل جانب، فقال لهم قطري بن الفجاءة: يا فساق! يا فجار!
هلموا فهذه إربتكم التي كنتم تطلبون! قال: فبرز إليه رجل يقال له باذام (2) مولى عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث فضربه ضربة اتقاها قطري بيده، فنكى السيف في قطري فرمى بها، ثم ضربه أخرى فسقط قطري على قفاه، فتقدم إليه باذام (2) فقتله واحتز رأسه.
قال: وعطفت الخيل على أصحابه وفيهم عمرو القنا وصالح بن مخراق وفرسان من الأزارقة، فلم يزالوا يقتتلون حتى قتلت الأزارقة بأجمعها في معرك واحد (3)، فما انفلت منهم إلا رجل واحد يقال له قيس بن الأصم الضبي وهو الذي يقول أبياتا مطلعها:
صلى الاله على قوم شهدتهم * كانوا إذا ذكروا وذكروا شهقوا (4) إلى آخرها.
قال: ثم أمر سفيان بن الأبرد برأس قطري بن الفجاءة، ورأس عمرو القنا وصالح بن مخراق ورؤوس القوم بأجمعهم، فجمعت وعلقت في أعناقهم وآذانهم الرقاع وبعث بها إلى الحجاج وكتب إليه يخبره مع القوم.