وخرج من هذه الأمة مفقودا، وعلى دين صاحبه عمر بن الخطاب الذي عاش في الدنيا حبيبا، ثم قبضه الله إليه سعيدا وشهيدا. قال الحجاج: فما تقول في أمير المؤمنين عثمان بن عفان؟ قال: ذاك رجل لا يلتقي باسمه الشفتان، قال: فما تقول في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب؟ قال: ذاك رجل آمن صغيرا وكفر كبيرا.
قال: فما تقول في معاوية بن أبي سفيان؟ قال: وما أقول في رجل بين أطباق النيران ينادي: يا حنان يا منان! والرب عليه غضبان! قال: فما تقول في عبد الملك بن مروان؟ قال: وما الذي أقول في ابن طريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعينه، لقد أخطأ خطيئة أطبق بها السماء على الأرض بتوليته إياك على رقاب المسلمين، فويل له من ديان يوم الدين! قال: دع عنك هذا، قال: ما تقول في أنا؟ فقال: ما عرفتك إلا عادلا قاسطا، فقال الحجاج: قاتلك الله من رجل كأنك أردت قول الله تبارك وتعالى:
(الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون) (1)؟ فقال: هذا أردت يا حجاج! قال: وكأنك أردت قوله عز وجل: (وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا) (2)؟ قال: هذا أردت يا حجاج!
فقال الحجاج: أخروه، فأخروه فضربت عنقه صبرا.
ثم أقبل على الاخر فقال له: ما تقول فيما سألت عنه صاحبك؟ فأنشأ يقول (3):
أحجاج إني والذي أنا عبده * على خير للعالمين محمد ودين أبي بكر وصاحبه الذي * مضى عادلا في حكمه لا يفند ولست لعثمان بن عفان باغضا * ولا قائلا فيه مقالة ملحد وإن يك عثمان بن عفان ظالما * فربك للعبد الظلوم بمرصد وأما علي ذو المعالي فإنه * وصي نبي ذي سناء وسؤدد وإن يك مظلوما [له] الله ناصر * فينصره من كل باغ ومعتدي وقد كان مولى المؤمنين وإنني * مقر به في كل ناد ومشهد فذلك ديني لا أدين بغيره * ولست كهذا الكافر المتلدد (4)