هلا خرجت (1) إلى غزالة في الوغى * إذ صار قلبك في جوانح طائر (2) ألق السلاح وخذ وشاح معصفر * واعمد بمنزلة الجبان الكافر قال: فلم يزل شبيب وأصحابه يضارب فيهم ويطاعن من وقف الغداة إلى الليل، وأجهد أصحابه وقتل منهم جماعة، فانهزم شبيب وخرج من الكوفة ومضى هاربا على وجهه وقد قتل أصحابه، حتى صاروا إلى مدينة الأنبار فنزلها.
قال: ووجه الحجاج في طلبه برجل من الكوفة يقال له حبيب (3) بن عبد الرحمن الحكمي في ثلاثة آلاف رجل، وبلغ ذلك شبيبا فخرج إليه فيمن بقي من أصحابه، فاقتتل القوم يوما وليلة قتالا شديدا، ثم ولى شبيب منهزما حتى صار إلى بادرايا (4) وباكسايا (5) ثم صار من هنالك [إلى كرمان] فنزلها.
فوجه إليه الحجاج بسفيان بن الأبرد الكلبي، فأقبل سفيان حتى نزل على شاطئ الدجيل، وأقبل شبيب نحوه، فلما أقبل ليعبر الدجيل إلى ما قبله أمر سفيان بن الأبرد بالغواصين بجسر الدجيل فقطع، واستدارت السفن فغرق شبيب مع فرسه وسلاحه. قال: فأمر سفيان بن الأبرد بالغواصين فأخرجوه من الماء واحتزوا رأسه، ووجه به سفيان إلى الحجاج وقتل أمه جهيزة وامرأته غزالة (6) وقتل عامة أصحابه، فلم ينفلت منهم إلا القليل.
قال: وأسر سفيان بن الأبرد جماعة من أصحاب شبيب فوجه بهم إلى الحجاج، فلما وقفوا بين يديه رفع رأسه فنظر إلى شيخ منهم وسيم جسيم فقال له:
يا شيخ! اخترت الدنيا على الآخرة! قال: كلا يا حجاج! ولكني اخترت الآخرة على الدنيا بخروجي عليك وعلى صاحب الفاجر. فقال الحجاج: اضربوا عنقه، فقال الشيخ: الحمد لله ولا حكم إلا لله، الحمد لله على ما قضى وقدر، ولكن لا تعجل يا حجاج فقد قلت بيتين من الشعر أريد أن أختم بها عملي، فقال الحجاج: