الذي ولاني الله تبارك وتعالى من ذلك وقلدني (1) ليس بهين علي، ولو كانت رغبتي في اتخاذ أزواج واعتقاد (2) أموال كان الله تبارك وتعالى قد أعطاني من ذلك وبلغ بي أفضل ما بلغه بأحد من خلقه، وإني لخائف فيما ابتليت به من أمر هذه الأمة حسابا شديدا وسؤالا حفيا (3)، وقد بايعني الناس أجمعون، فبايع رحمك الله ومر من قبلك بالبيعة - والسلام -. قال فقرأ يزيد بن المهلب كتاب عمر بن عبد العزيز ثم ألقاه إلى بعض إخوانه فقرأه (4).
ثم دعا بابنه مخلد فاستخلفه على خراسان وخرج يزيد بن المهلب يريد العراق ومعه وجوه خراسان. وخرج حتى صار إلى الري [و] وجه بجميع ما كان معه من الأموال إلى البصرة. ثم خرج من بعد ذلك يريد البصرة وإذا عدي بن أرطأة الفزاري قد أقبل في طلب يزيد بن المهلب، حتى إذا صار إلى العراق فنزل بواسط دعا برجل يقال له موسى بن الوجيه الحميري، فوجه به في طلب يزيد إلى البصرة وكتب إليه:
أما بعد يا يزيد فإن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز قد ولاني العراقين جميعا البصرة والكوفة. وما والاهما من البلاد، فإن كنت في السمع والطاعة فأقبل إلي راجعا - والسلام -. قال: فأخذ موسى بن الوجيه الكتاب ثم أقبل وقعد في طيار، وسار في الدجلة سيرا حثيثا حتى لحق بيزيد بن المهلب بموضع يقال له نهر معقل قبل أن يدخل البصرة فدفع إليه الكتاب، فلما قرأ يزيد الكتاب كتاب عدي بن أرطأة قال:
سمع وطاعة لأمير المؤمنين وعامله. ثم رجع مع موسى بن الوجيه إلى واسط (5).
فلما دخل يزيد بن المهلب على عدي بن أرطأة سلم عليه وهنأه بولاية العراق، فرد عليه عدي بن أرطأة السلام وأمره بالجلوس، فقال له عدي: أبا خالد! إن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز أمرني أن أقبض منك الأموال التي جبيتها من بلاد خراسان وجرجان وطبرستان، فقال يزيد: أيها الأمير! إنه كان ذلك، غير أني فرقته في أجناد خراسان وقويتهم به في جهاد عدوهم ولم أدخر من تلك الأموال شيئا، قال فقال له عدي بن أرطأة: دع هذا يا بن المهلب وأخرج من هذه الأموال، وإلا