تكون نصرة أحدكم كنصرة العبد لسيده: إذا شهد أطاعه، وإذا غاب سبه. فقال رجل:
يا أمير المؤمنين، أتظن ذلك كائنا؟ قال: ما هو بالظن ولكنه اليقين.
ما كتب علي لأهل العراق قال: فقام حجر بن عدي، وعمرو بن الحمق، وعبد الله بن وهب الراسبي، فدخلوا على علي، فسألوه عن أبي بكر وعمر: ما تقول فيهما؟ وقالوا: بين لنا قولك فيهما وفي عثمان.
قال علي كرم الله وجهه: وقد تفرغتم لهذا؟ وهذه مصر قد افتتحت، وشيعتي فيها قد قتلت؟
إني مخرج إليكم كتابا أنبئكم فيه ما سألتموني عنه، فاقرءوه على شيعتي، فأخرج إليهم كتابا فيه: أما بعد، فإن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم نذيرا للعالمين، وأمينا على التنزيل، وشهيدا على هذه الأمة، وأنتم يا معشر العرب على غير دين، وفي شر دار، تسفكون دماءكم، وتقتلون أولادكم، وتقطعون أرحامكم، وتأكلون أموالكم بينكم بالباطل، فمن الله عليكم، فبعث محمدا إليكم بلسانكم، فكنتم أنتم المؤمنين، وكان الرسول فيكم ومنكم، تعرفون وجهه ونسبه، فعلمكم الكتاب والحكمة والسنة والفرائض، وأمركم بصلة الأرحام، وحقن الدماء، وإصلاح ذات بينكم، وأن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وأن توفوا بالعقود، وأن تعاطفوا وتباروا وتراحموا، ونهاكم عن التظالم والتحاسد والتقاذف والتباغي، وعن شرب الحرام، وعن بخس المكيال والميزان، وتقدم إليكم فيما أنزل عليكم أن لا تزنوا ولا تأكلوا أموال اليتامى ظلما، فكل خير يبعدكم عن النار قد حضكم عليه، وكل شر يبعدكم عن الجنة قد نهاكم عنه، فلما استكمل رسول الله صلى الله عليه وسلم مدته من الدنيا توفاه الله وهو مشكور سعيه مرضي عمله، مغفور له ذنبه، شريف عند الله نزله، فيا لموته مصيبة خصت الأقربين، وعمت المؤمنين، فلما مضى تنازع المسلمون الأمر بعده، فوالله ما كان يلقى في روعي (1)، ولا يخطر على بالي أن العرب تعدل هذا الأمر عني، فما راعني إلا إقبال الناس على أبي بكر، وإجفالهم (2) عليه، فأمسكت يدي، ورأيت أني أحق بمقام محمد في الناس ممن تولى الأمور علي، فلبثت بذلك ما شاء الله، حتى رأيت راجعة من الناس رجعت عن الإسلام، يدعون إلى محو دين محمد.
وملة إبراهيم عليهما السلام. فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله. أن أرى في الإسلام ثلما وهدما. تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولاية أمركم. التي إنما هي متاع أيام قلائل.