من ترك الجهاد وداهن في أمر الله كان على شفا هلكة، إلا أن يتداركه الله برحمته، فاتقوا الله عباد الله، قاتلوا من حاد الله، وحاول أن يطفئ نور الله، قاتلوا الخاطئين، القاتلين لأولياء الله، المحرفين لدين الله، الذين ليسوا بقراء الكتاب ولا فقهاء في الدين، ولا علماء بالتأويل، ولا لهذا الأمر بأهل في دين، ولا سابقة في الإسلام، ووالله لو ولوا عليكم لعملوا فيكم بعمل كسرى وقيصر. فسيروا وتأهبوا للقتال، وقد بعثت لإخوانكم من أهل البصرة، ليقدموا عليكم فإذا قدموا واجتمعتم شخصنا إن شاء الله.
كتاب علي إلى ابن عباس قالوا: وكان علي قد كتب إلى ابن عباس وإلى أهل البصرة: أما بعد، فإنا أجمعنا على المسير إلى عدونا من أهل الشام، فأشخص إلي من قبلك من الناس، وأقم حتى آتيك، والسلام.
ما قال ابن عباس إلى أهل البصرة فلما قدم كتاب علي على ابن عباس، قرأه على الناس، ثم أمرهم بالشخوص مع الأحنف ابن قيس، فشخص معه منهم ألف وخمس مئة رجل، فاستقلهم ابن عباس، فقام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أهل البصرة، قد جاءني كتاب أمير المؤمنين يأمرني بإشخاصكم، فأمرتكم بالمسير إليه مع الأحنف بن قيس، فلم يشخص إليه منكم إلا ألف وخمس مئة، وأنتم في الديوان ستون ألفا سوى أبنائكم وعبدانكم ومواليكم. ألا فانفروا، ولا يجعل امرؤ على نفسه سبيلا، فإني موقع بكل من وجدته تخلف عن دعوته، عاصيا لإمامه، حزنا يعقب ندما، وقد أمرت أبا الأسود بحشدكم، فلا يلم امرؤ جعل السبيل على نفسه إلا نفسه.
ما قال علي كرم الله وجهه لأهل الكوفة قال: فحشد أبو الأسود الناس بالبصرة، فاجتمع عليه ألف وسبع مئة فأقبل هو والأحنف ابن قيس، حتى وافيا عليا بالنخيلة، فلما رأى علي أنه إنما قدم عليه من أهل البصرة ثلاثة آلاف ومئتا رجل، جمع إليه رؤساء الناس وأمراء الأجناد ووجوه القبائل، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أهل الكوفة أنتم إخواني وأنصاري وأعواني على الحق، ومجيبي إلى جهاد المحلين، بكم أضرب المدبر، وأرجو إتمام طاعة المقبل، وقد بعثت إلى أهل البصرة، فاستنفرتهم،