سعيد بن عثمان: يا أمير المؤمنين، لا يعدم يزيد مركبا ما دمت له، وما كنت لأرضى ببعض حقي دون بعض، فإذا أبيت فأعطني مما أعطاك الله. فقال معاوية: لك خراسان.
قال سعيد: وما خراسان؟ قال: إنها لك طعمة وصلة رحم، فخرج راضيا، وهو يقول:
ذكرت أمير المؤمنين وفضله * فقلت جزاه الله خيرا بما وصل وقد سبقت مني إليه بوادر * من القول فيه آفة العقل والزلل فعاد أمير المؤمنين بفضله * وقد كان فيه قبل عودته ميل وقال خراسان لك اليوم طعمة * فجوزي أمير المؤمنين بما فعل فلو كان عثمان الغداة مكانه * لما نالني من ملكه فوق ما بذل فلما انتهى قوله إلى معاوية، أمر يزيد أن يزوده، وأمر إليه بخلعة، وشيعه فرسخا.
قدوم أبي الطفيل على معاوية قال: وذكروا أنه لم يكن أحد أحب إلى معاوية أن يلقاه من أبي الطفيل الكناني، وهو عامر بن واثلة، وكان فارس أهل صفين، وشاعرهم، وكان من أخص الناس بعلي كرم الله وجهه، فقدم أبو الطفيل الشام يزور ابن أخ له من رجال معاوية، فأخبر معاوية بقدومه، فأرسل إليه، فأتاه وهو شيخ كبير، فلما دخل عليه، قال له معاوية: أنت أبو الطفيل عامر ابن واثلة؟ قال: نعم. قال معاوية: أكنت ممن قتل عثمان أمير المؤمنين، قال: لا، ولكن ممن شهده فلم ينصره، قال: ولم؟ قال: لم ينصره المهاجرون والأنصار، فقال معاوية: أما والله إن نصرته كانت عليهم وعليك حقا واجبا، وفرضا لازما، فإذ ضيعتموه فقد فعل الله بكم ما أنتم أهله، وأصاركم إلى ما رأيتم، فقال أبو الطفيل: فما منعك يا أمير المؤمنين، إذ تربصت به ريب المنون أن تنصره ومعك أهل الشام؟ قال معاوية: أو ما ترى طلبي لدمه، فضحك أبو الطفيل وقال: بلى، ولكني وإياك كما قال عبيد بن الأبرص:
لا أعرفنك بعد الموت تندبني * وفي حياتي ما زودتني زادي فدخل مروان بن الحكم، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحكم، فلما جلسوا نظر إليهم معاوية، ثم قال: أتعرفون هذا الشيخ؟ قالوا: لا، فقال معاوية: هذا خليل علي بن أبي طالب وفارس صفين، وشاعر أهل العراق، هذا أبو الطفيل. قال سعيد بن العاص: قد