قتل الخوارج قال: فرجع علي، فعبأ أصحابه فجعل على الميمنة حجر بن عدي، وعلى الميسرة شيث بن ربعي، وعلى الخيل أبا أيوب الأنصاري، وعلى الرجالة أبا قتادة، وعلى أهل المدينة وهم ثمان مئة رجل من الصحابة قيس بن سعد بن عبادة، ووقف علي في القلب في مضر. قال: ثم رفع لهم راية أمان مع أبي أيوب الأنصاري، فناداهم أبو أيوب:
من جاء منكم إلى هذه الراية فهو آمن، ومن دخل المصر فهو آمن، ومن انصرف إلى العراق، وخرج من هذه الجماعة فهو آمن، فإنه لا حاجة لنا في سفك دمائكم. قال:
وقدم الخيل دون الرجالة، وصف الناس صفين وراء الخيل، وصف الرماة صفا أمام صف، وقال لأصحابه: كفوا عنهم حتى يبدءوكم. قال: وأقبلت الخوارج حتى إذا دنوا من الناس نادوا: لا حكم إلا لله، ثم نادوا: الرواح الرواح إلى الجنة. قال: وشدوا على أصحاب علي شدة رجل واحد، والخيل أمام الرجال، فاستقبلت الرماة وجوههم بالنبل، فخمدوا.
قال الثعلبي: لقد رأيت الخوارج حين استقبلتهم الرماح والنبل كأنهم معز اتقت المطر بقرونها، ثم عطفت الخيل عليهم من الميمنة والميسرة، ونهض علي في القلب بالسيوف والرماح، فلا والله ما لبثوا فواقا (1) حتى صرعهم الله، كأنما قيل لهم موتوا فماتوا. قال:
وأخذ على ما كان في عسكرهم من كل شئ، فأما السلاح والدواب فقسمه علي بيننا، وأما المتاع والعبيد والإماء فإنه حين قدم الكوفة رده على أهلها.
قال: ولما أراد علي الانصراف من النهروان، قام خطيبا، فحمد الله ثم قال:
أما بعد، فإن الله قد أحسن بلاءكم، وأعز نصركم، فتوجهوا من فوركم هذا إلى معاوية وأشياعه القاسطين (2)، الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا، فبئس ما شروا (3) به أنفسهم لو كانوا يعلمون. فقالوا: يا أمير المؤمنين نفدت نبالنا،