عن حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشرك، ونصرتم الله ورسوله في الإسلام على الردة، وعلي قادم عليكم، وقد ضمنت له مثل عدة من معه منكم، فخفوا معه، وقد كنتم تقاتلون في الجاهلية على الدنيا، فقاتلوا في الإسلام على الآخرة، فإن أردتم الدنيا فعند الله مغانم كثيرة، وأنا أدعوكم إلى الدنيا والآخرة، وقد ضمنت عنكم الوفاء، وباهيت بكم الناس، فأجيبوا قولي، فإنكم أعز العرب دارا، لكم فضل معاشكم وخيلكم، فاجعلوا أفضل المعاش للعيال وفضول الخيل للجهاد، وقد أظلكم علي والناس معه، من المهاجرين والبدريين والأنصار، فكونوا أكثرهم عددا، فإن هذا سبيل للحي فيه الغنى والسرور، وللقتيل فيه الحياة والرزق، فصاحت طيئ: نعم نعم، حتى كاد أن يصم من صياحهم. فلما قدم على طيئ أقبل شيخ من طيئ قد هرم من الكبر، فرفع له من حاجبيه، فنظر إلى علي، فقال له أنت ابن أبي طالب؟ قال نعم. قال: مرحبا بك وأهلا، قد جعلناك بيننا وبين الله، وعديا بيننا وبينك، ونحن بينه وبين الناس، لو أتيتنا غير مبايعين لك لنصرناك، لقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأيامك الصالحة، ولئن كان ما يقال فيك من الخير حقا إن في أمرك وأمر قريش لعجبا، إذ أخرجوك وقدموا غيرك.
سر، فوالله لا يتخلف عنك من طيئ إلا عبد أو دعي إلا بإذنك. فشخص معه من طيئ ثلاثة عشر آلاف راكبا.
استنفار زفر بن زيد قومه لنصرة علي قال: وذكروا أن زفر بن زيد بن حذيفة الأسدي، وكان من سادة بني أسد قام إلى علي فقال: يا أمير المؤمنين، إن طيئا إخواننا وجيراننا قد أجابوا عديا، ولي في قومي طاعة، فأذن لي فآتهم. قال: نعم، فأتاهم فجمعهم وقال: يا بني أسد، إن عدي بن حاتم ضمن لعلي قومه فأجابوه، وقضوا عنه ذمامه، فلم يعتل الغني بالغنى، ولا الفقير بالفقر، وواسى بعضهم بعضا، حتى كأنهم المهاجرون في الهجرة، والأنصار في الأثرة، وهم جيرانكم في الديار، وخلطاؤكم في الأموال، فأنشدكم الله لا يقول الناس غدا: نصرت طيئ وخذلت بنو أسد، وإن الجار يقاس بالجار، كالنعل بالنعل، فإن خفتم فتوسعوا في بلادهم، وانضموا إلى جبلهم، وهذه دعوة لها ثواب من الله في الدنيا والآخرة. فقام إليه رجل منهم، فقال له: يا زفر، إنك لست كعدي، ولا أسد كطيئ، ارتدت العرب، فثبتت طيئ على الإسلام، وجاد عدي بالصدقة، وقاتل بقومه قومك، فوالله لو نفرت طيئ بأجمعها لمنعت رعاؤها دارها، ولو أن معنا أضعافنا لخفنا على دارنا، فإن كان لا يرضيك منا إلا ما أرضى عديا من طيئ، فليس ذلك عندنا، وإن كان يرضيك قدر ما يرد عنا عذر الخذلان، وإثم المعصية، فلك ذلك منا.