أمر شديد، فقالوا: يا أمير المؤمنين، لسنا في شئ مما أتاك، إنما علينا السمع والطاعة، وبلغ عليا قول معاوية وقول أهل الشام، فأراد أن يعلم ما رأى أهل العراق، فجمعهم، فقال: أيها الناس إنه أتاني خبر من ناحية من نواحي. فقال ابن الكواء وأصحابه: إن لنا في كل أمر رأيا، فما أتاك فأطلعنا عليه، حتى نشير عليك. فبكى علي، ثم قال ظفر والله ابن هند باجتماع أهل الشام له، واختلافكم على، والله ليغلبن باطله حقكم، إنما أتاني أن زحر بن قيس ظفر بالضحاك، وقطع الميرة: وأتى معاوية هزيمة صاحبه، فقال: يا أهل الشام، إنه أتاني أمر شديد، فقلدوه أمرهم، واختلفتم علي.
فقام قيس بن سعد، فقال: أما والله لنحن كنا أولى بالتسليم من أهل الشام.
قدوم أبي هريرة وأبي الدرداء على معاوية وعلي قال: وذكروا أن أبا هريرة وأبا الدرداء قدما على معاوية من حمص، وهو بصفين، فوعظاه وقالا له: يا معاوية، علام تقاتل عليا وهو أحق بهذا الأمر منك في الفضل والسابقة؟
لأنه رجل من المهاجرين الأولين، السابقين بإحسان، وأنت طليق، وأبوك من الأحزاب.
أما والله ما نقول لك أن تكون العراق أحب إلينا من الشام، ولكن البقاء أحب إلينا من الفناء، والصلاح أحب إلينا من الفساد. فقال معاوية: لست أزعم أني أولى بهذا الأمر من علي، ولكني أقاتله حتى يدفع إلى قتلة عثمان. فقالا: إذا دفعهم إليك ماذا يكون؟ قال:
أكون رجلا من المسلمين. فأتيا عليا، فإن دفع إليكما قتلة عثمان جعلتها شورى. فقدما على عسكر علي، فأتاهما الأشتر، فقال: يا هذان إنه لم ينزلكما الشام حب معاوية، وقد زعمتما أنه يطلب قتلة عثمان، فعمن أخذتما ذلك فقبلتماه؟ أعمن قتله فصدقتموهم على الذنب، كما صدقتموهم على القتل؟ أم عمن نصره، فلا شهادة لمن جر إلى نفسه، أم عمن اعتزلوا، إذ علموا ذنب عثمان وقد علموا ما الحكم في قتله؟ أم عن معاوية وقد زعم أن عليا قتله؟ اتقيا الله، فإننا شهدنا وغبتما، ونحن الحكام على من غاب. فانصرفا ذلك اليوم، فلما أصبحا أتيا عليا، فقالا له:
إن لك فضلا لا يدفع، وقد سرت مسير فتى إلى سفيه من السفهاء، ومعاوية يسألك أن تدفع إليه قتلة عثمان، فإن فعلت ثم قاتلك كنا معك. قال علي: أتعرفانهم؟ قالا: نعم. قالا:
فخذ أهم، فأتيا محمد بن؟ بي بكر، وعمار بن ياسر، والأشتر، فقالا: أنتم من قتلة عثمان وقد أمرنا بأخذكم، فخرج إليهما أكثر من عشرة آلاف رجل، فقالوا نحن قتلنا عثمان، فقالا: نرى أمرا شديدا ألبس علينا الرجل. وإن أبا هريرة وأبا الدرداء انصرفا إلى منزلهما بحمص، فلما قدما حمص لقيهما عبد الرحمن بن عثمان، فسألهما عن مسيرهما، فقصا عليه