منك البداء ومنك الغير * ومنك الرياح ومنك المطر وأنت أمرت بقتل الإمام * وقلت لنا إنه قد فجر فهبنا أطعناك في قتله * وقاتله عندنا من أمر قال: فلما أتى عائشة خبر أهل الشام أنهم ردوا بيعة علي، وأبوا أن يبايعوه، أمرت فعمل لها هودج من حديد، وجعل فيه موضع عينيها، ثم خرجت ومعها الزبير وطلحة وعبد الله بن الزبير ومحمد بن طلحة.
اعتزال عبد الله بن عمر وسعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة عن مشاهدة علي وحروبه قال: وذكروا أن عمار بن ياسر قام إلى علي، فقال: يا أمير المؤمنين، ائذن لي آتي عبد الله بن عمر فأكلمه، لعله يخف معنا في هذا الأمر، فقال علي: نعم، فأتاه، فقال له:
يا أبا عبد الرحمن، إنه قد بايع عليا المهاجرون والأنصار، ومن إن فضلناه عليك لم يسخطك، وإن فضلناك عليه لم يرضك، وقد أنكرت السيف في أهل الصلاة، وقد علمت أن على القاتل القتل، وعلى المحصن الرجم، وهذا يقتل بالسيف، وهذا يقتل بالحجارة، وأن عليا لم يقتل أحدا من أهل الصلاة، فيلزمه حكم القاتل. فقال ابن عمر: يا أبا اليقظان، إن أبي جمع أهل الشورى، الذين قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، فكان أحقهم بها علي، غير أنه جاء أمر فيه السيف ولا أعرفه، ولكن والله ما أحب أن لي الدنيا وما عليها وأني أظهرت أو أضمرت عداوة علي؟ قال: فانصرف عنه، فأخبر عليا بقوله، فقال علي: لو: أتيت محمد بن مسلمة الأنصاري، فأتاه عمار، فقال له محمد: مرحبا بك يا أبا اليقظان على فرقة ما بيني وبينك، والله لولا ما في يدي من رسول الله صلى الله عليه وسلم لبايعت عليا، ولو أن الناس كلهم عليه لكنت معه، ولكنه يا عمار كان من النبي أمر ذهب فيه الرأي، فقال عمار. كيف؟
قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيت المسلمين يقتتلون أو إذا رأيت أهل الصلاة. فقال عمار: فإن كان قال لك: إذا رأيت المسلمين فوالله لا ترى مسلمين يقتتلان بسيفيهما أبدا، وإن كان قال لك: أهل الصلاة، فمن سمع هذا معك، إنما أنت أحد الشاهدين، فتريد من رسول الله قولا بعد قوله يوم حجة الوداع: دماؤكم وأموالكم عليكم حرام إلا بحدث، فتقول:
يا محمد، لا نقاتل المحدثين. قال: حسبك يا أبا اليقظان. قال: ثم أتى سعد بن أبي وقاص فكلمه، فأظهر الكلام القبيح، فانصرف عمار إلى علي، فقال له علي: دع هؤلاء الرهط،