كتاب علي جاءني، وقد أوحشني، وهو آخذي بمال أذربيجان وأنا لاحق بمعاوية، فقال القوم:
الموت خير لك من ذلك، أتدع مصرك وجماعة قومك، وتكون ذنبا لأهل الشام؟.
كتاب جرير إلى الأشعث قال: وذكروا أن جريرا كتب إلى الأشعث: أما بعد. فإنه أتتني بيعة علي فقبلتها. ولم أجد إلى دفعها سبيلا، وإني نظرت فيما غاب عني من أمر عثمان، فلم أجده يلزمني، وقد شهده المهاجرون والأنصار، فكان أوثق أمرهم فيه الوقوف، فاقبل بيعته، فإنك لا تلتفت إلى خير منه. واعلم أن بيعة علي خير من مصارع أهل البصرة. وقد تحلب الناقة الضجور (1). ويجلس العود (2) على البعير الدبر. فانظر لنفسك. والسلام.
إرسال علي جريرا إلى معاوية قال: وذكروا أن جريرا لما قدم على علي قال له: يا جرير. انطلق إلى معاوية بكتابي هذا، وكن عند ظني فيك، واعلم يا جرير أنك ترى من حولي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والبدريين والعقبيين (3). وإني اخترتك عليهم، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير ذي يمن جرير، فاذهب إلى معاوية بكتابي هذا ورسالتي، فإن دخل فيما دخل فيه المسلمون، وإلا فانبذ إليه بالحرب، وأعلمه أني لا أرضى به أميرا، والعامة لا ترضى به واليا، فقال جرير: إني لأكره أن أمنعك معونتي، وما أطمع لك في معاوية، ويصنع الله ما يشاء.
كتاب علي إلى معاوية مرة ثانية قال: وذكروا أن عليا كتب إلى معاوية مع جرير: أما بعد، فإن بيعتي بالمدينة لزمتك وأنت بالشام، لأنه بايعني الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوا، فلم يكن للشاهد أن يختار، ولا للغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإذا اجتمعوا على رجل فسموه إماما كان ذلك لله رضا، فإن خرج منهم خارج ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين، وأولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم. وساءت مصيرا. وإن طلحة