الذي قلت وأنت في عز ومنعة لتابعتك، ولكنك قلت الذي قلت وقد بلغ السيل الزبى (1)، وجاوز الحزام الطبيين، فانقض التوبة ولا تقر بالخطيئة.
ما أنكر الناس على عثمان رحمه الله قال: وذكروا أنه اجتمع ناس من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، فكتبوا كتابا ذكروا فيه ما خالف فيه عثمان من سنة رسول الله وسنة صاحبيه، وما كان من هبته خمس أفريقية لمروان وفيه حق الله ورسوله، ومنهم ذوو القربى واليتامى والمساكين، وما كان من تطاوله في البنيان، حتى عدوا سبع دور بناها بالمدينة: دارا لنائلة، ودارا لعائشة وغيرهما من أهله وبناته، وبنيان مروان القصور بذي خشب (2)، وعمارة الأموال بها من الخمس الواجب لله ولرسوله، وما كان من إفشائه العمل والولايات في أهله وبني عمه من بني أمية أحداث وغلمة لا صحبة لهم من الرسول ولا تجربة لهم بالأمور، وما كان من الوليد بن عقبة بالكوفة إذ صلى بهم الصبح وهو أمير عليها سكران أربع ركعات ثم قال لهم: إن شئتم أزيدكم صلاة زدتكم، وتعطيله إقامة الحد عليه، وتأخيره ذلك عنه، وتركه المهاجرين والأنصار لا يستعملهم على شئ ولا يستشيرهم، واستغنى برأيه عن رأيهم، وما كان من الحمى الذي حمى حول المدينة، وما كان من إدراره القطائع والأرزاق والأعطيات على أقوام بالمدينة ليست لهم صحبة من النبي عليه الصلاة والسلام، ثم لا يغزون ولا يذبون (3)، وما كان من مجاوزته الخيزران إلى السوط، وأنه أول من ضرب بالسياط ظهور الناس، وإنما كان ضرب الخليفتين قبله بالدرة والخيزران.
ثم تعاهد القوم ليدفعن الكتاب في يد عثمان، وكان ممن حضر الكتاب عمار بن ياسر والمقداد بن الأسود وكانوا عشرة، فلما خرجوا بالكتاب ليدفعوه إلى عثمان والكتاب في يد عمار، جعلوا يتسللون عن عمار حتى بقي وحده، فمضى حتى جاء دار عثمان، فاستأذن عليه، فأذن له في يوم شات، فدخل عليه وعنده مروان بن الحكم وأهله من بني أمية، فدفع إليه الكتاب فقرأه، فقال له:
أنت كتبت هذا الكتاب؟ قال: نعم، قال: ومن كان معك؟ قال كان معي نفر تفرقوا فرقا