ثم إن طلحة والزبير ومروان بن الحكم أتوه نصف الليل في جماعة معهم، في ليلة مظلمة سوداء مطيرة وعثمان نائم، فقتلوا أربعين رجلا من الحرس، فخرج عثمان بن حنيف، فشد عليه مروان فأسره، وقتل أصحابه، فأخذه مروان، فنتف لحيته ورأسه وحاجبيه، فنظر عثمان بن حنيف إلى مروان فقال: أما إنك إن فتنتني بها في الدنيا، لم تفتني بها في الآخرة.
تعبئة الفئتين للقتال وذكروا أنه لما تعبأ القوم للقتال، فكانت الحرب للزبير وعلى الخيل طلحة، وعلى الرجالة عبد الله بن الزبير، وعلى القلب محمد بن طلحة، وعلى المقدمة مروان، وعلى رجال الميمنة عبد الرحمن بن عبادة، وعلى الميسرة هلال ابن وكيع، فلما فرغ الزبير من التعبئة قال: أيها الناس، وطنوا أنفسكم على الصبر، فإنه يلقاكم غدا رجل لا مثل له في الحرب ولا شبيه، ومعه شجعان الناس. فلما بلغ عليا تعبئة القوم عبأ الناس للقتال، فاستعمل على المقدمة عبد الله بن عباس، وعلى الساقة هند المرادي، وعلى جميع الخيل عمار بن ياسر، وعلى جميع الرجالة محمد بن أبي بكر.
ثم كتب إلى طلحة والزبير: أما بعد، فقد علمتما أني لم أرد الناس حتى أرادوني، ولم أبايعهم حتى بايعوني، وإنكما لممن أراد وبايع، وإن العامة لم تبايعني لسلطان خاص، فإن كنتما بايعتماني كارهين، فقد جعلتما لي عليكما السبيل، بإظهاركما الطاعة، وإسراركما المعصية، وإن كنتما بايعتماني طائعين، فارجعا إلى الله من قريب. إنك يا زبير لفارس رسول الله صلى الله عليه وسلم وحواريه، وإنك يا طلحة لشيخ المهاجرين، وإن دفاعكما هذا الأمر قبل أن تدخلا فيه، كان أوسع عليكما من خروجكما منه إقراركما به، وقد زعمتما أني قتلت عثمان فبيني وبينكما فيه بعض من تخلف عني وعنكما من أهل المدينة، وزعمتما أني آويت قتلة عثمان، فهؤلاء بنو عثمان، فليدخلوا في طاعتي، ثم يخاصموا إلى قتلة أبيهم، وما أنتما وعثمان إن كان قتل ظالما أو مظلوما؟ وقد بايعتماني وأنتما بين خصلتين قبيحتين نكث بيعتكما، وإخراجكما أمكما.
كتاب علي إلى عائشة وكتب إلى عائشة: أما بعد، فإنك خرجت غاضبة لله ولرسوله، تطلبين أمرا كان عنك موضوعا، ما بال النساء والحرب والاصلاح بين الناس؟ تطالبين بدم عثمان، ولعمري لمن عرضك