استعمال علي عبد الله بن عباس على البصرة قال: وذكروا أن عليا لما صار من البصرة بعد فراغه من أصحاب الجمل، استعمل عليها عبد الله بن عباس، وقال له: أوصيك بتقوى الله عز وجل، والعدل على من ولاك الله أمره، اتسع للناس بوجهك وعلمك وحكمك، وإياك والإحن (1)، فإنها تميت القلب والحق، واعلم أن ما قربك من الله بعدك من النار، وما قربك من النار بعدك من الله. اذكر الله كثيرا ولا تكن من الغافلين.
فلم يلبث علي حين قدم الكوفة، وأراد المسير إلى الشام، أن انضم إليه ابن عباس، واستعمل علي البصرة زياد بن أبي سفيان.
ما أشار به الأحنف بن قيس على علي قال: وذكروا أن الأحنف بن قيس قام إلى علي فقال: يا أمير المؤمنين، إنه إن يك بنو سعد لم ينصروك يوم الجمل، فلن ينصروا عليك غيرك، وقد عجبوا ممن نصرك يومئذ، وعجبوا اليوم ممن خذلك، لأنهم شكوا في طلحة والزبير، ولم يشكوا في عمرو ومعاوية، وإن عشيرتنا بالبصرة فلو بعثنا إليهم فقدموا علينا، فقاتلنا بهم العدو، وانتصفنا بهم من الناس، وأدركوا اليوم ما فاتهم أمس، وهذا جمع قد حشره الله عليك بالتقوى، لم نستكره شاخصا، ولم نشخص فيه مقيما، ومن كان معك نافعك، ورب مقيم خير من شاخص. وإنما نشوب الرجاء بالمخافة، ووالله لوددنا أن أمواتنا رجعوا إلينا، فاستعنا بهم على عدونا، وليس لك إلا من كان معك، ولنا من قومنا عدد، ولا نلقى بهم عدوا أعدى من معاوية، ولا نسد بهم ثغرا أشد من الشام.
كتاب الأحنف إلى قومه يدعوهم به إلى نصرة علي قال: وذكروا أن عليا قال للأحنف بن قيس: اكتب إلى قومك. قال: نعم. فكتب الأحنف إلى بني سعد: أما بعد، فإنه لم يبق أحد من بني تميم إلا وقد شقوا برأي سيدهم غيركم، وعصمكم الله برأيي، حتى نلتم ما رجوتم، وأمنتم مما خفتم، وأصبحتم منقطعين من أهل البلاء، لاحقين بأهل العافية، وإني أخبركم أنا قدمنا على تميم بالكوفة، فأخذوا علينا بفضلهم مرتين: