عندها مدة، فقالت له في بعض الأيام وهو مختف: لطالما أحببت المكث عند أهلك، وأضربت عن الأمر الذي جئت بسببه، فقال: إن لي وقتا واعدت فيه أصحابي، ولن أجاوزه فلما كان اليوم الذي تواعدوا فيه، خرج عدو الله، فقعد لعلي حين خرج علي لصلاة الصبح، صبيحة نهار الجمعة، ليلة عشر بقيت من رمضان سنة أربعين، فلما خرج للصلاة وثب عليه، وقال: الحكم لله لا لك يا علي، وضربه على قرنه (1) بالسيف، فقال علي: فزت ورب الكعبة، ثم قال: لا يفوتنكم الرجل، فشد الناس عليه، فأخذوه.
وكان علي رضي الله عنه شديد الأدمة (2) ثقيل العينين، ضخم البطن، أصلع، ذا عضلات، في أذنيه شعر يخرج منهما، وكان إلى القصر أقرب. وكان ابن ملجم يعرض سيفه، فإذا أخبر أن فيه عيبا أصلحه، فلما قتل عليا قال: لقد أحددت سيفي بكذا وكذا، وسممته بكذا وضربت به عليا ضربة لو كانت بأهل المصر لأتت عليهم.
وروي عن الحسن أنه قال: أتيت أبي فقال لي: أرقت الليلة، ثم ملكتني عيني (3).
فسنح لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: يا رسول الله، ماذا لقيت من أمتك من من الأود (4) واللدد؟ فقال: ادع عليهم، فقلت: اللهم أبدلني بهم خيرا لي منهم، وأبدلهم بي شرا لهم مني، وخرج إلى الصلاة فاعترضه ابن ملجم، وأدخل ابن ملجم على علي بعد ضربه إياه، فقال: أطيبوا طعامه، وألينوا فراشه، فإن أعش فأنا ولي دمي، إما عفوت، وإما اقتصصت، وإن أمت فالحقوه بي، ولا تعتدوا، إن الله لا يحب المعتدين.
قالوا وبكت أم كلثوم، وقالت لابن ملجم: يا عدو الله، قتلت أمير المؤمنين، قال: ما قتلت أمير المؤمنين، ولكني قتلت أباك. قالت: والله إني لأرجو ألا يكون عليه بأس، قال:
ولم تبكين إذا؟ والله لقد أرهفت السيف، ونفيت الخوف، وجبت الأجل، وقطعت الأمل وضربت ضربة لو كانت بأهل المشرق لأتت عليهم.
ومكث على يوم الجمعة ويوم السبت، وتوفي ليلة الأحد، وغسله الحسن والحسين ومحمد