ما قال حريث بن جابر ثم قام حريث بن جابر، فقال: أيها الناس، إن عليا لو كان خلوا من هذا الأمر لكان المرجع إليه، فكيف وهو قائده وسابقه؟ وإنه والله ما قبل من القوم اليوم إلا الأمر الذي دعاهم إليه أمس، ولو رده عليهم كنتم له أعيب ولا يلحد في هذا الأمر إلا راجع على عقبيه، أو مستدرج مغرور، وما بيننا وبين من طعن علينا إلا السيف.
ما قال خالد بن معمر ثم قام خالد بن معمر، فقال: يا أمير المؤمنين، إنا والله ما أخرنا هذا المقام أن يكون أحد أولى به منا، ولكن قلنا: أحب الأمور إلينا ما كفينا مئونته، فأما إذا استغنينا فإنا لا نرى البقاء إلا فيما دعاك القوم إليه اليوم، إن رأيت ذلك، وإن لم تره فرأيك أفضل.
ما قال الحصين بن المنذر ثم قام الحصين بن المنذر، وكان أحدث القوم سنا، فقال: أيها الناس، إنما بني هذا الدين على التسليم، فلا تدفعوه بالقياس، ولا تهدموه بالشبهة، وإنا والله لو أنا لا نقبل من الأمور إلا ما نعرف، لأصبح الحق في الدنيا قليلا، ولو تركنا وما نهوى لأصبح الباطل في أيدينا كثيرا، وإن لنا راعيا قد حمدنا ورده وصدره (1)، وهو المأمون على ما قال وفعل، فإن قال:
لا، قلنا: لا، وإن قال: نعم، قلنا: نعم.
ما قال عثمان بن حنيف ثم قام عثمان بن حنيف، وكان من صاحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عاملا لعلي على البصرة، وكان له فضل، فقال: أيها الناس، اتهموا رأيكم، فقد والله كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية يوم أبي جندل وإنا لنريد القتال، إنكارا للصلح، حتى ردنا عنه رسول الله، وإن أهل الشام دعوا إلى كتاب الله اضطرارا. فأجبناهم إليه إعذارا، فلسنا والقوم سواء إنا والله ما عدلنا الحي بالحي، ولا القتيل بالقتيل، ولا الشامي بالعراقي، ولا معاوية بعلي، وإنه لأمر منعه غير نافع، وإعطاؤه غير ضائر، وقد كلت البصائر التي كنا