على الأخرى فقاتلوا التي تبغى حتى تفيئ إلى أمر الله، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا " وقال: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله " فلم يرض من عباده بما ذكر أبو موسى من أن يجلسوا في بيوتهم ويخلوا بين الناس، فيسفك بعضهم دماء بعض، فسيروا معنا إلى هاتين الجماعتين واسمعوا من حججهم، وانظروا من أولى بالنصرة فاتبعوه، فإن أصلح الله أمرهم رجعتم مأجورين وقد قضيتم حق الله، وإن بغى بعضهم على بعض نظرتم إلى الفئة الباغية، فقاتلتموها حتى تفيئ إلى أمر الله، كما أمركم الله، وافترض عليكم ثم قعد.
فلما انصرفا إلى علي من عند أبي موسى وأخبراه بما قال أبو موسى، بعث إليه الحسن بن علي، وعبد الله بن عباس، وعمار بن ياسر، وقيس بن سعد، وكتب معهم إلى أهل الكوفة:
كتاب علي إلى أهل الكوفة أما بعد، فإني أخبركم عن أمر عثمان حتى يكون سامعه كمن عاينه، إن الناس طعنوا على عثمان، فكنت رجلا من المهاجرين أقل عيبه وأكثر استعتابه (1)، وكان هذان الرجلان طلحة والزبير أهون سيرهما فيه اللهجة (2) والوجيف، وكان من عائشة فيه قول على غضب، فانتحى له قوم فقتلوه، وبايعني الناس غير مستكرهين، وهما أول من بايعني على ما بويع عليه من كان قبلي، ثم استأذنا إلى العمرة، فأذنت لهما، فنقضا العهد، ونصبا الحرب، وأخرجا أم المؤمنين من بيتها، ليتخذاها فتنة، وقد سارا إلى البصرة، اختيارا لأهلها، ولعمري ما إياي تجيبون، ما تجيبون إلا الله. وقد بعثت ابني الحسن، وابن عمي عبد الله بن عباس، وعمار ابن ياسر، وقيس بن سعد، فكونوا عند ظننا بكم، والله المستعان.
فسار الحسن ومن معه، حتى قدموا الكوفة علي أبي موسى، فدعاه إلى نصرة علي، فبايعهم، ثم صعد أبو موسى المنبر، وقام الحسن أسفل منه، فدعاهم إلى نصرة علي، وأخبرهم بقرابته من رسول الله، وسابقته، وبيعة طلحة والزبير إياه، ونكثهما عهده، وأقرأهم كتاب علي، فقام شريح بن هانئ. فقال:
خطاب شريح بن هانئ لقد أردنا أن نركب إلى المدينة، حتى نعلم قتل عثمان، فقد أتانا الله به في بيوتنا، فلا