بين أظهركم ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخير المسلمين وأفضلهم وسيدهم بعده، يفقهكم في الدين، ويدعوكم إلى جهاد المحلين، فوالله لكأنكم صم لا تسمعون، وقلوبكم غلف مطبوع عليها فلا تستجيبون. عباد الله، أليس إنما عهدكم بالجور والعدوان أمس، وقد شمل العباد، وشاع في الإسلام، فذو حق محروم، ومشتوم عرضه، ومضروب ظهره، وملطوم وجهه، وموطوء بطنه، وملقى بالعراء، فلما جاءكم أمير المؤمنين صدع بالحق، ونشر بالعدول، وعمل بالكتاب، فاشكروا نعمة الله عليكم، ولا تتولوا مجرمين، ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون. اشحذوا السيوف، وجددوا آلة الحرب، واستعدوا للجهاد، فإذا دعيتم فأجيبوا، وإذا أمرتم فأطيعوا تكونوا بذلك من الصاقدين.
قال: ثم قام رجال من أصحاب علي فقالوا: يا أمير المؤمنين، اعط هؤلاء هذه الأموال، وفضل هؤلاء الأشراف من العرب وقريش على الموالي، ممن يتخوف خلافه على الناس وفراقه.
وإنما قالوا له: هذا الذي كان معاوية يصنعه بمن أتاه، وإنما عامة الناس همهم الدنيا، ولها يسعون، وفيها يكدحون. فأعط هؤلاء الأشراف، فإذا استقام لك ما تريد عدت إلى أحسن ما كنت عليه من القسم، فقال علي: أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه من الإسلام؟ فوالله لا أفعل ذلك ما لاح في السماء نجم، والله لو كان لهم مال لسويت بينهم، فكيف وإنما هي أموالكم. فقال رجل: يا أمير المؤمنين إن الموت نازل لا بد منه، فإن حل فمن صاحبنا؟ فقال علي: أحدثك عن خاصة نفسي؟ أما الحسن فصاحب خوان (1)، وفتى من الفتيان، ولو قد التقت حلقتا البطان (2) لم يغن عنكم في الحرب حثالة عصفور (3). وأما ابن أخي عبد الله بن جعفر فصاحب لهو. وأما الحسين ومحمد ابناي فأنا منهما وهما مني، والله لقد أحببت أن يدال هؤلاء القوم عليكم، بإصلاحهم في أرضهم، وفسادكم في أرضكم، وأدائهم الأمانة لمعاوية، وخيانتكم، وبطاعتهم له، ومعصيتكم لي، واجتماعهم على باطلهم، وتفرقكم عن حقكم، وأيم الله لا يدعون بعدي محرما إلا استحلوه، ولا يبقى بيت وبر (4) ولا مدر (5) إلا أدخلوه ظلمهم، حتى يقوم الباكيان منكم، باك لدينه، وباك لدنياه، وحتى