فسار معه من أسد جماعة ليست كجماعة طئ، حتى قدم بها على علي.
توجه عائشة وطلحة والزبير إلى البصرة قال: وذكروا أنه لما اجتمع طلحة والزبير وذووهما مع عائشة، وأجمعوا على المسير من مكة، وأتاهم عبد الله بن عامر، فدعاهم إلى البصرة، ووعدهم الرجال والأموال، فقال سعيد ابن العاصي لطلحة والزبير: إن عبد الله بن عامر كلمه إلى البصرة، وقد فر من أهلها فرار العبد الآبق، وهم في طاعة عثمان، ويريد أن يقاتل بهم عليا، وهم في طاعة علي، وخرج من عندهم أميرا، ويعود إليهم طريدا، وقد وعدكم الرجال والأموال، فأما الأموال فعنده، وأما الرجال فلا رجل. فقال مروان بن الحكم. أيها الشيخان، ما يمنعكما أن تدعوا الناس إلى بيعة مثل بيعة علي، فإن أجابوا كما عارضتماه ببيعة كبيعته، وإن لم يجيبوكما عرفتما ما لكما في أنفس الناس.
فقال طلحة: يمنعنا أن الناس بايعوا عليا بيعة عامة، فبم ننقضها؟ وقال الزبير: ويمنعنا أيضا من ذلك تثاقلنا عن نصرة عثمان، وخفتنا إلى بيعة علي. فقال الوليد بن عقبة: إن كنتما أسأتما فقد أحسنتما، وإن كنتما أخطأتما فقد أصبتما (1)، وأنتما اليوم خير منكما أمس. فقال مروان: أما أنا فهواي الشام، وهواكما البصرة، وأنا معكم وإن كانت الهلكة. فقال سعيد بن العاصي: أما أنا فراجع إلى منزلي. فلما استقام أمرهم، واجتمعت كلمتهم على المسير، قال طلحة للزبير: إنه ليس شئ أنفع ولا أبلغ في استمالة أهواء الناس من أن نشخص لعبد الله بن عمر، فأتياه فقالا:
يا أبا عبد الرحمن، إن أمنا عائشة خفت لهذا الأمر، رجاء الإصلاح بين الناس، فاشخص معنا، فإن لك بها أسوة، فإن بايعنا الناس فأنت أحق بها. فقال ابن عمر: أيها الشيخان، أتريدان أن تخرجاني من بيتي، ثم تلقياني بين مخالب ابن أبي طالب؟ إن الناس إنما يخدعون بالدينار والدرهم. وإني قد تركت هذا الأمر عيانا في عافية أنالها. فانصرفا عنه. وقدم يعلى بن منبه عليهم من اليمن، وكان عاملا لعثمان، فأخرج أربعة مئة بعير، ودعا إلى الحملان، فقال الزبير: دعنا من إبلك هذه، وأقرضنا من هذا المال، فأقرض الزبير ستين ألفا، وأقرض طلحة أربعين ألفا، ثم سار القوم، فقال الزبير: الشام بها الرجال والأموال، وعليها معاوية، وهو ابن عم الرجل، ومتى نجتمع يولنا عليه، وقال عبد الله بن عامر: البصرة، فإن غلبتم عليا فلكم الشام، وإن غلبكم علي كان معاوية لكم جنة (2)، وهذه كتب أهل البصرة إلي.
فقال يعلى بن منبه، وكان داهيا: أيها الشيخان، قدرا قبل أن ترحلا أن معاوية قد سبقكم