أمير المؤمنين، إنا قد أصبحنا في زمان مختلفة أهواؤه، قد أحد ودبت علينا سيساؤه (1)، واقطوطبت (2) علينا أدواؤه، وأناخت عليا أبناؤه (3)، ونحن نشير عليك بالرشاد، وندعوك إلى السداد، وأنت - يا أمير المؤمنين - أحسننا نظرا وأثبتنا بصرا، ويزيد بن أمير المؤمنين قد عرفنا سيرته، وبلونا علانيته، ورضينا ولايته، وزادنا بذلك انبساطا، وبه اغتباطا، ما منحه الله من الشبه بأمير المؤمنين والمحبة في المسلمين، فاعزم على ذلك، ولا تضق به ذرعا، فالله تعالي يقيم به الأود (4)، ويردع به الألد (5)، وتأمن به السبل، ويجمع به الشمل، ويعظم به الآجر، ويحسن به الذخر. ثم جلس.
ما قال ثور بن معن قال: ثم قام ثور بن معن السلمي، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أصلح الله أمير المؤمنين، إنا قد أصبحنا في زمان صاحبه شاغب، وظله ذاهب مكتوب علينا فيه الشقاء والسعادة، وأنت يا أمير المؤمنين ميت نسأل الله بك المتاع ويزيد ابن أمير المؤمنين أقدمنا شرفا، وأبذلنا عرفا (6) وقد دعانا إلى الرضا به، والقنوع بولايته، والحرص عليه، والاختيار له، ما قد عرفنا من صدق لسانه ووفائه، وحسن بلائه، فاجعله لنا بعدك خلفا، فإنه أوسعنا كنفا، وأقدمنا سلفا، وهو رتق لما فتق، وزمام لما شعب (7)، ونكال لمن فارق ونافق، وسلم لمن واظب، وحافظ للحق، أسأل الله لأمير المؤمنين أفضل البقاء والسعادة، والخيرة فيما أراد، والتوطن في البلاد، وصلاح أمر جميع العباد. ثم جلس.
ما تكلم به عبد الله بن عصام قال: ثم قام عبد الله بن عصام، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أصلح الله أمير المؤمنين،