بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة المحقق الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين خير الخلق أجمعين محمد بن عبد الله صاحب السيرة العطرة والتاريخ المجيد، وعلى آله وأصحابه الذين عزروه ونصروه وحملوا الأمانة من بعده فقاموا عليها خير قيام وأضاءوا طرق الحياة لسالكيها بالعدل والحكمة والاستقامة، ورفعوا شأن دينهم ومعتنقيه، ودفعوا إلى المجد والعزة أتباع رسولهم ومحبيه، وكان منهم النجوم الذين يستضاء بها في ظلمات الحوالك، والملوك الذين يعاش في أكنافهم ويستظل بظلهم، والعباد الذين عرفت المساجد جنوبهم وظهورهم، وبواطن أقدامهم، والزهاد الذين كانت الدنيا لا تساوى عندهم غدوة أو روحة في سبيل الله.
وبعد، فإن كتاب " الإمامة والسياسة " للعالم الفاضل المؤرخ العظيم عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، من أشهر الكتب تداولا بين قراء العربية، لما حواه من تاريخ حقبة عزيزة على نفس كل مسلم حبيبة إلى قلبه جديرة بالذكر على لسانه، فيها عرف المسلمون العزة، ونعموا بالسعادة، وأقاموا صروح العدالة، وقوضوا قوائم الظلم، وطمسوا معالم الكفر، وأوقدوا مشاعل الإيمان بهمة يتقاعس عن دركها الزمن، وعزيمة لا ينال منها الوهن، وقد وكلت مؤسسة الحلبي إلى تحقيق هذا الكتاب، ليخرج في ثوب قشيب يحسن عند الرائي منظره، ويطيب عند قارئه مخبره، ويحبب الناشئة في تاريخهم، ويقربهم من أيام أجدادهم، حتى يستشعروا عظمة أمتهم، وينهجوا في حياتهم نهجهم، ويبنوا كما بنوا، ويجاهدوا كما جاهدوا ولا يناموا عن إحياء تراثهم، واسترجاع ميراثهم الذي تكالبت عليه ذئاب الأمم من الكفار، ومن والأهم من الذين لا يهمهم سوى الدنيا، ولا يرون إلا العاجلة، ولا ينظرون إلى الآجلة، والله من ورائهم محيط.
وقد لبيت الدعوة وقمت بجهد في هذا الكتاب أعتبره قليلا، ولكنه مفيد، فجعلت لبعض الموضوعات عناوين جديدة توضحها وشرحت بعض الجمل لبيان غوامضها، وعلقت تعليقات مختصرة على بعض الأحداث التاريخية تقربها من القارئ وتقرب القارئ منها، وترجمت للمؤلف حتى يعرف الناس الرجل الذي يقرءون كتابه من هو ويلموا بنبذة من تاريخه.
وأسأل الله أن يجعل الكتاب مثمرا نافعا لكل من يقرؤه، إنه نعم المولى ونعم النصير؟
طه الزيني