وسابقته، ثم مضى فبايعه، فأقبل الناس على علي، فقالوا: أصبت يا أبا الحسن وأحسنت.
قال: فلما تمت البيعة لأبي بكر أقام ثلاثة أيام يقيل الناس ويستقيلهم، يقول قد أقلتكم في بيعتي، هل من كاره؟ هل من مبغض؟ فيقوم علي في أول الناس فيقول: والله لا نقيلك ولا نستقيلك أبدا، قد قدمك رسول الله صلى الله عليه وسلم لتوحيد ديننا، من ذا الذي يؤخرك لتوجيه دنيانا؟.
خطبة أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: ثم إن أبا بكر قام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إن الله الجليل الكريم العليم الحكيم الرحيم الحليم، بعث محمدا بالحق، وأنتم معشر العرب كما قد علمتم، من الضلالة والفرقة، ألف بين قلوبكم ونصركم به وأيدكم، ومكن لكم دينكم، وأورثكم سيرته الراشدة المهدية، فعليكم بحسن الهدى ولزوم الطاعة، وقد استخلف الله عليكم خليفة ليجمع به ألفتكم، ويقيم به كلمتكم، فأعينوني على ذلك بخير، ولم أكن لأبسط يدا ولا لسانا على من لم يستحل ذلك إن شاء الله، وأيم الله ما حرصت عليها ليلا ولا نهارا ولا سألتها الله قط في سر ولا علانية، ولقد قلدت أمرا عظيما، ما لي به طاقة ولا يد، ولوددت أني وجدت أقوى الناس عليه مكاني، فأطيعوني ما أطعت الله، فإذا عصيت فلا طاعة لي عليكم، ثم بكى وقال: اعلموا أيها الناس أني لم أجعل لهذا المكان أن أكون خيركم، ولوددت أن بعضكم كفانيه، ولئن أخذتموني بما كان الله يقيم به رسوله من الوحي ما كان ذلك عندي، وما أنا إلا كأحدكم، فإذا رأيتموني قد استقمت فاتبعوني، وإن زغت فقوموني، واعلموا أن لي شيطانا يعتريني أحيانا، فإذا رأيتموني غضبت فاجتنبوني، لا أؤثر في أشعاركم وأبشاركم، ثم نزل.
ثم دعا عمر الأوجاه (1) من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما ترون لي من هذا المال؟ فقال عمر: أنا والله أخبرك مالك منه. أما ما كان لك من ولد قد بان عنك وملك أمره، فسهمه كرجل من المسلمين، وأما ما كان من عيالك وضعفة أهلك، فتقوت منه بالمعروف وقوت أهلك. فقال: يا عمر إني لأخشى ألا يحل لي أن أطعم عيالي من فيئ المسلمين. فقال عمر: يا خليفة رسول الله، إنك قد شغلت بهذا الأمر عن أن تكسب لعيالك. قال: ولما تمت البيعة لأبي بكر، واستقام له الأمر، اشرأب النفاق بالمدينة، وارتدت العرب، فنصب لهم أبو بكر الحرب، وأراد قتالهم، فقالوا: نصلي ولا نؤدي الزكاة. فقال الناس: اقبل منهم يا خليفة رسول الله، فإن العهد حديث، والعرب كثير، ونحن شرذمة قليلون، لا طاقة لنا بالعرب، مع أنا