وثلث على صاحب الجمل الأحمر (1)، وثلث على علي بن أبي طالب. فضحك الجهيني، ولحق بعلي بن أبي طالب، وبلغ طلحة قول ابنه محمد، وكان محمد من عباد الناس، فقال له: يا محمد، أتزعم عنا قولك إني قاتل عثمان، كذلك تشهد على أبيك؟ كن كعبد الله بن الزبير، فوالله ما أنت بخير منه، ولا أبوك بدون أبيه، كف عن قولك، وإلا فارجع فإن نصرتك نصرة رجل واحد، وفسادك فساد عامة. فقال محمد: ما قلت إلا حقا، ولن أعود.
نزول علي بن أبي طالب الكوفة قال: وذكروا أن عليا لما نزل قريبا من الكوفة بعث عمار بن ياسر، ومحمد بن أبي بكر إلى أبي موسى الأشعري، وكان أبو موسى عاملا لعثمان على الكوفة، فبعثهما علي إليه وإلى أهل الكوفة يستفزهم، فلما قدما عليه قام عمار بن ياسر، ومحمد بن أبي بكر، فدعوا الناس إلى النصرة لعلي، فلما أمسوا دخل رجال من أهل الكوفة على أبي موسى، فقالوا: ما ترى؟
أنخرج مع هذين الرجلين إلى صاحبهما، أم لا؟ فقال أبو موسى: أما سبيل الآخرة ففي أن تلزموا بيوتكم، وأما سبيل الدنيا فالخروج مع من أتاكم، فأطاعوه، فتباطأ الناس على علي، وبلغ عمارا ومحمدا ما أشار به أبو موسى على أولئك الرهط، فأتياه فأغلظا له في القول، قال أبو موسى: إن بيعة عثمان في عنقي وعنق صاحبكم، ولئن أردنا القتال ما لنا إلى قتال أحد من سبيل، حتى نفرغ من قتلة عثمان.
خطبة أبي موسى الأشعري ثم خرج أبو موسى فصعد المنبر، ثم قال: أيها الناس: إن أصحاب رسول الله الذين صحبوه في المواطن أعلم بالله ورسوله ممن لم يصحبه، وإن لكم حقا على أؤديه إليكم، إن هذه الفتنة النائم فيها خير من اليقظان، والقاعد خير من القائم، والقائم فيها خير من الساعي، والساعي خير من الراكب، فأغمدوا سيوفكم حتى تنجلي هذه الفتنة.
خطبة عمار بن ياسر فقام عمار بن ياسر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إن أبا موسى ينهاكم عن الشخوص إلى هاتين الجماعتين، ولعمري ما صدق فيما قال، وما رضي الله من عباده بما ذكر. قال عز وجل: " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما