بالعهد إذا عاهدتم، وأدوا الأمانات إذا ائتمنتم وارغبوا في ثواب الله، وارهبوا عذابه، واعملوا الخير تجزوا خيرا يوم يفوز بالخير من قدم الخير.
اختلاف الزبير وطلحة على علي كرم الله وجهه قال: وذكروا أن الزبير وطلحة أتيا عليا بعد فراغ البيعة، فقالا: هل تدري على ما بايعناك يا أمير المؤمنين؟ قال علي: نعم، على السمع والطاعة، وعلى ما بايعتم عليه أبا بكر وعمر وعثمان، فقالا: لا، ولكنا بايعناك على أنا شريكاك في الأمر، قال علي: لا، ولكنكما شريكان في القول والاستقامة والعون على العجز والأولاد، قال: وكان الزبير لا يشك في ولاية العراق، وطلحة في اليمن، فلما استبان لهما أن عليا غير موليهما شيئا، أظهرا الشكاة (1)، فتكلم الزبير في ملأ من قريش، فقال: هذا جزاؤنا من علي، قمنا له في أمر عثمان، حتى أثبتنا عليه الذنب، وسببنا له القتل، وهو جالس في بيته وكفى الأمر. فلما نال بنا ما أراد، جعل دوننا غيرنا، فقال طلحة: ما اللوم إلا أنا كنا ثلاثة من أهل الشورى، كرهه أحدنا وبايعناه، وأعطيناه ما في أيدينا، ومنعنا ما في يده، فأصبحنا قد أخطأنا ما رجونا. قال: فانتهى قولهما إلى علي فدعا عبد الله بن عباس وكان استوزره، فقال له: بلغك قول هذين الرجلين؟ قال نعم، بلغني قولهما. قال: فما ترى؟ قال: أرى أنهما أحبا الولاية. فول البصرة الزبير، وول طلحة الكوفة، فإنهما ليسا بأقرب إليك من الوليد وابن عامر من عثمان، فضحك علي، ثم قال: ويحك، إن العراقين بهما الرجال والأموال، ومتى تملكا رقاب الناس يستميلا السفيه بالطمع، ويضربا الضعيف بالبلاء، ويقويا على القوي بالسلطان، ولو كنت مستعملا أحدا لضره ونفعه لاستعملت معاوية على الشام، ولولا ما ظهر لي من حرصهما على الولاية، لكان لي فيهما رأي. قال: ثم أتى طلحة والزبير إلى علي، فقالا: يا أمير المؤمنين، ائذن لنا في العمرة، فإن تقم إلى انقضائها رجعنا إليك، وإن تسر نتبعك. فنظر إليهما علي، وقال:
نعم، والله ما العمرة تريدان، وإنما تريدان أن تمضيا إلى شأنكما، فمضيا.
خلاف عائشة رضي الله عنها على علي قال: وذكروا أن عائشة لما أتاها أنه بويع لعلي. وكانت خارجة عن المدينة: فقيل لها:
قتل عثمان. وبايع الناس عليا. فقالت: ما كنت أبالي أن تقع السماء على الأرض، قتل والله مظلوما، وأنا طالبة بدمه، فقال لها عبيد: إن أول من طعن عليه وأطمع الناس فيه لأنت، ولقد قلت: اقتلوا نعثلا فقد فجر، فقالت عائشة: قد والله قلت وقال الناس، وآخر قولي خير من أوله، فقال عبيد: عذر والله ضعيف يا أم المؤمنين. ثم قال: