عدوه ما قد سمعتم، فالحمد لله على أقضيته. وقد بايعه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والتابعون بإحسان، ولو جعل الله هذا الأمر شورى بين المسلمين لكان علي أحق بها، ألا وإن البقاء في الجماعة، والفناء في الفرقة، وعلي حاملكم على الحق ما استقمتم له، فإن ملتم أقام ميلكم، قال الناس: سمعا وطاعة، ورضانا رضا من بعدنا.
كتاب علي إلى الأشعث بن قيس قال: وذكروا أن عليا كتب إلى الأشعث بن قيس مع زياد بن كعب. والأشعث يومئذ بآذربيجان عاملا لعثمان، كان استعمله عليها: أما بعد، فلولا هنات كن فيك كنت المقدم في هذا الأمر قبل الناس، فلعل أمرا يحمل بعضه بعضا إن اتقيت الله، وقد كان من بيعة الناس إياي ما قد بلغك، وكان طلحة والزبير أول من بايعني، ثم نقضا بيعتي على غير حدث، وأخرجا أم المؤمنين إلى البصرة، فسرت إليهما في المهاجرين والأنصار، فالتقينا، فدعوتهما إلى أن يرجعا إلى ما خرجا منه، فأبيا. فأبلغت في الدعاء، وأحسنت في البقاء، وإن عملك ليس لك بطعمة، ولكنه أمانة في عنقك، والمال مال الله، وأنت من خزاني عليه حتى تسلمه إلي إن شاء الله، وعلى أن لا أكون شر ولاتك.
خطبة زياد بن كعب قال: وذكروا أن الأشعث بن قيس لما قرأ كتاب علي، قام زياد بن كعب خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إنه من لم يكفه القليل لم يكفه الكثير، وإن أمر عثمان لم ينفع فيه العيان، ولم يشف منه الخبر، غير أن من سمعه كمن عاينه، وإن المهاجرين والأنصار بايعوا عليا راضين به، وإن طلحة والزبير نقضا بيعة علي، على غير حدث، وأخرجا أم المؤمنين على غير رضى، فسار إليهم، ولم ينلهم، فتركهم وما في نفسه منهم حاجة، فأورثه الله الأرض، وجعل له عاقبة المتقين.
خطبة الأشعث بن قيس قال: فقام الأشعث بن قيس خطيبا، فقال: أيها الناس، إن عثمان رحمه الله ولاني أذربيجان، وهلك وهي في يدي، وقد بايع الناس عليا، وطاعتنا له لازمة، وقد كان من أمره وأمر عدوه ما قد بلغكم، وهو المأمون على ما غاب عنا وعنكم من ذلك.
مشورة الأشعث ثقاته في اللحوق بمعاوية إلى الشام قال: وذكروا أن الأشعث رجع إلى منزله، فدعا أهل ثقته من أصحابه، فقال لهم: إن