برأسه وسلبه إلى قومه، فقال له رجل من قومه: يا بن جرموز، فضحت والله اليمن بأسرها، قتلت الزبير رأس المهاجرين، ورأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحواريه، وابن عمته، والله لو قتلته في حرب لعز ذلك علينا، ولمسنا عارك، فكيف في جوارك وذمتك؟ والله ليزيدنك على أن يبشرك بالنار. فغضب ابن جرموز وقال والله ما قتلته إلا له، ووالله ما أخاف ما أخاف فيه قصاصا، ولا أرهب فيه قرشيا، وإن قتله علي لهين.
مخاطبة علي لطلحة بين الصفين قال: وذكروا أن عليا نادي طلحة بعد انصراف الزبير، فقال له: يا أبا محمد ما جاء بك؟
قال: أطلب دم عثمان. قال علي: قتل الله من قتله، قال طلحة: فحل بيننا وبين من قتل عثمان، أما تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما يحل دم المؤمن في أربع خصال، زان فيرجم، أو محارب لله، أو مرتد عن الإسلام، أو مؤمن يقتل مؤمنا عمدا. فهل تعلم أن عثمان أتى شيئا من ذلك؟ فقال علي: لا. قال طلحة: فأنت أمرت بقتله. قال علي: اللهم لا. قال طلحة: فاعتزل هذا الأمر، ونجعله شورى بين المسلمين، فإن رضوا بك دخلت فيما دخل فيه الناس، وإن رضوا غيرك كنت رجلا من المسلمين. قال علي: أو لم تبايعني يا أبا محمد طائعا غير مكره؟ فما كنت لأترك بيعتي. قال طلحة: بايعتك والسيف على عنقي. قال: ألم تعلم أني ما أكرهت أحدا على البيعة، ولو كنت مكرها أحدا لأكرهت سعدا وابن عمر ومحمد ابن مسلمة، أبوا البيعة، واعتزلوا، فتركتهم. قال طلحة: كنا في الشورى ستة، فمات اثنان وقد كرهناك، ونحن ثلاثة، قال علي: إنما كان لكما ألا ترضيا قبل الرضى وقبل البيعة.
وأما الآن فليس لكما غير ما رضيتما به، إلا أن تخرجا مما بويعت عليه بحدث، فإن كنت أحدثت حدثا فسموه لي. وأخرجتم أمكم عائشة، وتركتم نساءكم، فهذا أعظم الحدث منكم أرضى هذا لرسول الله أن تهتكوا سترا ضربه عليها، وتخرجوها منه؟ فقال طلحة: إنما جاءت للإصلاح. قال علي: هي لعمر الله إلى من يصلح لها أمرها أحوج، أيها الشيخ أقبل النصح وارض بالتوبة مع العار. قبل أن يكون العار والنار.
التحام الحرب قال: وذكروا أنه بينما الناس وقوف إذ رمي رجل من أصحاب علي، فجيئ به إلى علي، فقالوا: يا أمير المؤمنين، هذا أخونا قد قتل: فقال علي: أعذروا إلى القوم. فقال عبد الرحمن