عن أبيه قال: رأيت عبد الله بن حنظلة في منامي بأحسن صورة، معه لؤلؤة، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، أقتلت؟ قال: بلى، فلقيت ربي، فأدخلني الجنة، فأنا أسرح في ثمارها حيث شئت، قلت: فأصحابك ما صنع بهم؟ قال: هم معي، وحول لوائي هذا الذي تري لم تحل عقدته بعد.
وقال ابن سيرين رحمه الله تعالى: رأيت كثير بن أفلح رضي الله عنه في النوم، فقلت له:
ألست قد استشهدت؟ قال: ليس في الإسلام شهادة، ولكنها الندباء. وقال الأعرج: كان الناس لا يلبسون المصبوغ (2) من الثياب قبل الحرة، فلما قتل الناس بالحرة استحبوا أن يلبسوها وقالوا: لقد مكث النوح في الدور على أهل الحرة سنة لا يهدءون. وقال عبد الله بن أبي بكر كان أهل المدينة أعز الناس وأهيبهم، حتى كانت الحرة، فأجترأ الناس عليهم فهانوا. قال الزهري: بلغ القتلى يوم الحرة من قريش والأنصار، ومهاجرة العرب ووجوه الناس سبع مئة، وسائر الناس عشرة آلاف. من أخلاط الناس والموالي والعبيد، قال وأصيب نساء وصبيان وكان قدوم أهل الشام المدينة لثلاث بقين من ذي الحجة، سنة ثلاث وستين، فانتهبوها ثلاثا حتى رأوا هلال المحرم، ثم أمسكوا بعد أن لم يبقوا أحدا به رمق، وقتل بها من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثمانون رجلا، ولم يبق بعد ذلك بدري.
وقالوا: قال عيسى بن طلحة: قلت لعبد الله بن مطيع: كيف نجوت يوم الحرة؟ قال:
رأيت ما رأيت من غلبة أهل الشام، وصنع بني حارثة الذي صنعوا من إدخالهم علينا وولي الناس، فذكرت قول الحارث بن هشام يوم بدر، وعلمت أنه لا يضر عدوي مشهدي، ولا ينفع ولي، فتواريت، ثم لحقت بابن الزبير، وكنت أعجب كل العجب أن ابن الزبير لم يصلوا إليه ستة أشهر، ولم يكن معه إلا نفر يسير، قوم من قريش من الخوارج، وكان معنا يوم الحرة ألفا رجل، كلهم ذوو حفاظ، فما استطعنا أن نحبسهم يوما إلى آخر الليل.
تم الجزء الأول من كتاب الإمامة والسياسة ويليه الجزء الثاني