فلما نزل بقباء، في بنى عمرو بن عوف، أقبل رجل حتى أخبر بقدومه، وأنا في رأس نخلة لي أعمل فيها، وعمتي خالدة بنت الحارث تحتي جالسة، فلما سمعت الخبر بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم كبرت، فقالت لي عمتي، حين سمعت تكبيري: خيبك الله! والله لو كنت سمعت بموسى بن عمران قادما ما زدت، قال: فقلت لها: أي عمة، هو والله أخو موسى بن عمران، وعلى دينه، بعث بما بعث به، قال: فقالت: أي ابن أخي، أهو النبي الذي كنا نخبر أنه يبعث مع نفس الساعة؟ قال: فقلت لها: نعم. قال: فقالت: فذاك إذا. قال: ثم خرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلمت، ثم رجعت إلى أهل بيتي، فأمرتهم فأسلموا.
قال: وكتمت إسلامي من يهود، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: يا رسول الله، إن يهود قوم بهت، وإني أحب أن تدخلني في بعض بيوتك، تغيبني عنهم، ثم تسألهم عنى، حتى يخبروك كيف أنا فيهم، قبل أ، يعلموا بإسلامي، فإنهم إن علموا به بهتوني وعابوني. قال: فأدخلني رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض بيوته، ودخلوا عليه فكلموه وساءلوه، ثم قال لهم:
أي رجل الحصين بن سلام فيكم؟ قالوا: سيدنا وابن سيدنا، وحبرنا وعالمنا.
قال: فلما فرغوا من قولهم خرجت عليهم، فقلت لهم: يا معشر يهود، اتقوا الله واقبلوا ما جاءكم به، فوالله إنكم لتعلمون إنه لرسول الله، تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة باسمه وصفته، فإني أشهد أنه رسول الله، وأومن به، وأصدقه وأعرفه، فقالوا: كذبت، ثم وقعوا بي. قال: فقلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم أخبرك يا رسول الله أنهم قوم بهت، أهل غدر وكذب وفجور!
قال: فأظهرت إسلامي وإسلام أهل بيتي، وأسلمت عمتي خالدة بنت الحارث، فحسن إسلامها.