فلينظر إلى نبتل بن الحارث، وكان رجلا جسيما أدلم ثائر شعر الرأس، أحمر العينين، أسفع الخدين. وكان يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتحدث إليه، فسمع منه، ثم ينقل حديثه إلى المنافقين، وهو الذي قال: إنما محمد أذن، من حدثه شيئا صدقه، فأنزل الله عز وجل فيه: {ومنه الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن، قل أذن خير لكم، يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم، والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم - 61 من سورة التوبة}.
قال ابن إسحاق: وحدثني بعض رجال بلعجلان أنه حدث: أن جبريل عليه السلام أنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: إنه يجلس إليك رجل أدلم، ثائر الشعر الرأس، أسفع الخدين، أحمر العينين كأنهما قدران من صفر، كبده أغلظ من كبد الحمار، ينقل حديثك إلى المنافقين، فاحذره، وكانت تلك صفة نبتل بن الحارث، فيما يذكرون.
ومن بنى ضبيعة: أبو حبيبة بن الأزعر، وكان ممن بنى مسجد الضرار، وثعلبة بن حاطب، ومعتب بن قشير، وهما اللذان عاهدا الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين، إلى آخر القصة، ومعتب هو الذي قال يوم أحد: لو كان لنا من الامر شئ ما قتلنا هاهنا. فأنزل الله تعالى في ذلك من قوله: {وطائفة قد أهمتهم أنفسهم، يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون: هل لنا من الامر شئ؟ قل: إن الامر كله لله، يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك، يقولون: لو كان لنا من الامر شئ ما قتلنا ها هنا - 154 من سورة آل عمران} إلى آخر القصة. وهو الذي قام يوم الأحزاب: كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا لا يأمن أن يذهب إلى الغائط، فأنزل الله عز وجل فيه: {وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض: ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا - 12 من سورة الأحزاب}. والحارث بن حاطب.