صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، يلتمس النصرة من ثقيف، والمنعة بهم من قومه، ورجاء أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله عز وجل، فخرج إليهم وحده.
قال ابن إسحاق: فحدثني يزيد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي، قال: لما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، عمد إلى نفر من ثقيف، هم يومئذ سادة ثقيف وأشرافهم، وهم إخوة ثلاثة: عبد يا ليل بن عمرو ابن عمير، ومسعود بن عمرو بن عمير، وحبيب بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غيرة بن عوف بن ثقيف، وعند أحدهم امرأة من قريش من بنى جمح، فجلس إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاهم إلى الله، وكلمهم بما جاءهم له من نصرته على الاسلام، والقيام معه على من خالفه من قومه، فقال له أحدهم:
هو يمرط ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك، وقال الآخر: أما وجد الله أحدا يرسله غيرك! وقال الثالث: الله لا أكلمك أبدا. لثن كنت رسولا من الله كما تقول لانت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي لي أن أكلمك. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندهم وقد يئس من خير ثقيف، وقد قال لهم - فيما ذكر لي -: إذ فعلتم ما فعلتم فاكتموا عنى، وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ قومه عنه، فيذئرهم ذلك عليه. قال ابن هشام: قال عبيد بن الأبرص:
ولقد أتاني عن تميم أنهم * ذئروا لقتلى عامر وتعصبوا فلم يفعلوا، بل أغروا به سفهاءهم وعبيدهم، يسبونه ويصيحون به، حتى اجتمع عليه الناس، وألجأوه إلى حائط لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، وهما فيه، ورجع عنه من سفهاء ثقيف من كان يتبعه، فعمد إلى ظل حبلة من عنب، فجلس فيه، وابنا ربيعة ينظران إليه، ويريان ما لقى من سفهاء أهل الطائف، وقد لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما ذكر لي - المرأة التي من بنى جمح فقال لها:
ماذا لقينا من أحمائك؟