فما يرجع أحد من جهد الجوع والبرد. فرجعت إلى النبي فأخبرته فضحك (صلى الله عليه وآله) (1).
ثم روى عن أبي وجزة قال: لما ملت قريش المقام... كتب أبو سفيان كتابا إلى رسول الله فيه: باسمك اللهم، فإني أحلف باللات والعزى، لقد سرت إليك في جمعنا وإنا نريد أن لا نعود إليك أبدا حتى نستأصلك، فرأيتك قد كرهت لقاءنا وجعلت مضائق وخنادق! فليت شعري من علمك هذا؟! فإن نرجع عنكم فلكم منا يوم كيوم أحد تبقر فيه النساء!
وبعث بالكتاب مع أبي أسامة الجشمي.
فلما بلغه الكتاب دعا رسول الله أبي بن كعب فدخل معه قبته فقرأ عليه كتاب أبي سفيان.
وكتب إليه رسول الله:
من محمد رسول الله، إلى أبي سفيان بن حرب. أما بعد، فقديما غرك بالله الغرور. أما ما ذكرت أنك سرت إلينا في جمعكم، وأنك لا تريد أن تعود حتى تستأصلنا، فذلك أمر يحول الله بينك وبينه، ويجعل لنا العاقبة حتى لا تذكر اللات والعزى. وأما قولك: من علمك الذي صنعنا من الخندق؟ فإن الله - تعالى - ألهمني ذلك لما أراد من غيظك به وغيظ أصحابك (2)، وليأتين عليك يوم تدافعني فيه بالراح، وليأتين عليك يوم أكسر فيه اللات والعزى وإساف ونائلة وهبل، حتى أذكرك ذلك (3).