ورسوله، فصليت العصر ايماء برأسي وأنا أمشي.
فلما دنوت منه قال: من الرجل؟ فقلت: من خزاعة، سمعت بجمعك لمحمد فجئتك لأكون معك. قال: أجل اني لفي الجمع له. فمشيت معه وأنا أقول: عجبا لما أحدث محمد من هذا الدين المحدث، فارق الآباء وسفه الأحلام! فقال: لم يلق محمد أحدا يشبهني! وأنشدته شعرا وحدثته فاستحلي حديثي وانتهى إلى خبائه (1) وتفرق عنه أصحابه إلى منازل قريبة منه، فقال لجاريته: احلبي. فحلبت ثم ناولتني فمصصت ثم دفعته إليه، فعب منه ثم قال: اجلس، فجلست معه حتى إذا هدأ الناس وناموا، وهدأ هو فقتلته وأخذت رأسه وأقبلت حافيا حتى صعدت في جبل فدخلت غارا واختفيت فيه، وضربت العنكبوت على الغار، وأنا أذكر تهامة وحرها وكان أهم أمري عندي العطش.
وتفقدنه نساؤه فأخذن يبكين عليه، وأقبل الرجال على الخيل في طلبي وتوزعوا في كل وجه، وأقبل رجل نعلاه في يده ومعه إداوة ضخمة فوضعها على باب الغار وقال لأصحابه: ليس في الغار أحد فانصرفوا راجعين وجلس هو على باب الغار يبول، فخرجت إلى الإداوة فشربت منها وأخذت النعلين فلبستهما، وأقبلت أتوارى النهار وأسير الليل حتى قدمت المدينة في يوم السبت لسبع بقين من المحرم (2) فوجدت رسول الله في المسجد، فلما رآني قال: أفلح الوجه! قلت:
أفلح وجهك يا رسول الله! ثم وضعت رأسه بين يديه وأخبرته خبري. فدفع إلي عصا وقال: تخصر بهذه في الجنة فان المتخصرين في الجنة قليل. ولذلك أوصى