ورجع سلكان إلى أصحابه فأخبرهم خبره، فأجمعوا أمرهم أن يذهبوا إليه على ميعاده. ثم أتوا النبي عشاء في ليلة أربع عشرة من ربيع الأول، وبعد أن صلوا العشاء أخبروه فمشى معهم حتى البقيع ثم قال لهم: امضوا على بركة الله وعونه. ورجع رسول الله إلى بيته (1).
وروى ابن إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس عن محمد بن مسلمة قال:
انهم أقبلوا حتى انتهوا إلى حصن (2) ابن الأشرف، فهتف به أبو نائلة.
فنزل في ملحفته (3) من الحصن، فتحدث معهم وتحدثوا معه، ثم قال له أبو نائلة: هل لك - يا بن الأشرف - أن نتماشى إلى شعب العجوز (4) فنتحدث.
فخرجوا يتماشون (5).
وكان كعب حديث عهد بعرس، وكان جميلا ويتطيب بالمسك والعنبر، وكان شعره جعدا (6) فأدخل أبو نائلة يده في مقدم رأسه ثم شم يده وقال: ما رأيت طيبا أعطر قط! ثم مشوا، ثم عاد لمثلها، ثم مشوا، ثم عاد لمثلها وأمسك به وقال: اضربوا عدو الله، فضربوه فاختلفت أسيافهم عليه فلم تغن شيئا، وأصاب بعض أسيافنا الحارث بن أوس فجرحه في رجله.
قال محمد: فحين رأيت أسيافنا لم تغن شيئا ذكرت مغولا (7) في سيفي فأخرجته ووضعته قرب سرته ثم تحاملت عليه فوقع عدو الله.