سلكان يريد أن يجعل كعبا لا ينكرهم إذا هم جاؤوا بالسلاح، فقال له: حدثت لنا حاجة إليك. فقال كعب: ادن مني فخبرني بحاجتك. فتحدثا ساعة وتناشدا الأشعار، ثم قال كعب: لعلك تحب أن يقوم من عندنا؟ فلما سمع القوم ذلك قاموا.
فقال أبو نائلة: اني كرهت أن يسمع القوم بعض كلامنا فيظنون بنا، كان قدوم هذا الرجل من البلاء علينا، عادتنا به العرب وحاربتنا ورمتنا عن قوس واحدة وتقطعت السبل عنا حتى جهدت الأنفس وضاع العيال!
فقال كعب: أنا ابن الأشرف! أما والله لقد كنت أخبرك - يا بن سلامة - أن الأمر سيصير إلى ما أقول.
فقال أبو نائلة: ومعي رجال من أصحابي على مثل رأيي، وقد أردنا أن نأتيك فنبتاع منك طعاما أو تمرا وتحسن في ذلك إلينا، ونرهنك ما يكون لك فيه ثقة.
قال كعب: أما والله ما كنت أحب - يا أبا نائلة - أن أرى بك هذه الخصاصة (1) وأنت أخي ومن أكرم الناس علي.. فماذا ترهنونني، أبناءكم ونساءكم؟ (2).
قال أبو نائلة: لقد أردت أن تفضحنا وتظهر أمرنا! ولكنا نرهنك من الحلقة (3) ما ترضى به. فقال كعب: وإن في الحلقة لوفاء. وعين الليلة الآتية ميعادا وخرج من عنده.