تكودار الذي أصبح اسمه احمد تكودار وضم اليه جمعا من العلماء ليكونوا سفراءه إلى علماء بغداد وإلى السلطان منصور قلاوون ملك مصر فيحملوا إليهم النبأ العظيم نبا اسلام ابن هولاكو واسلام الدولة المغولية تبعا لاسلامه من اخباره لما ورد العراق بصحبة هولاكو زار الفيحاء وحضر درس المحقق أبي القاسم نجم الدين جعفر بن سعيد الحلي فكان البحث في القبلة في استحباب التياسر قليلا لأهل الشرق من اهل العراق عن السمت الذي يتوجهون اليه فاعترض الطوسي أن التياسر اما إلى القبلة فيكون واجبا لا مستحبا واما عنها فيكون حراما فأجاب المحقق الحلي في الدرس بان الانحراف منها إليها ومعنى ذلك أن الاستحباب المذكور مبني على أن الكعبة المعظمة هي قبلة القريب والحرم قبلة البعيد والحرم عن يسار الكعبة ثمانية أميال وعن يمينها أربعة أميال فإذا انحرف العراقي إلى جهة يساره لم يخرج عن سمت القبلة لاتساع المسافة فيما يستقبل فالانحراف اليسير إلى بعض جهاتها لا يخرج عنها بل يكون منها إليها وربما قيل أن الحكمة أن قبلة مساجد العراق كان فيها تياسر كثير كما يشاهد في قبلة مسجد الكوفة مع عدم امكان التصريح بذلك فأمروا بالتياسر إليها لذلك. ثم إن المحقق الحلي عمل في ذلك رسالة وأرسلها إلى الطوسي فاستحسنها وقد أورد الرسالة ابن فهد في المهذب البارع بتمامها وقال: اعلم أنه اتفق حضور العلامة المحقق خواجة نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي قدس الله روحه مجلس المصنف طاب ثراه ودرسه فكان فيما قرره بحضوره درس القبلة وأورد إشكالا على القياس فأجاب المصنف في الحال بما اقتضاه في ذلك الزمان ثم عمل في المسالة رسالة وبعثها اليه فاستحسنها المحقق حين وقف عليها وها انا موردها بلفظها:
جرى في أثناء فوائد المولى أفضل علماء الاسلام وأكمل فضلاء الأنام نصير الدنيا والدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي أيد الله بقوته العالية قواعد الدين ووطد أركانه ومهد بمباحثه السامية عقائد الايمان وشيد بنيانه إشكال على التياسر وحكايته الأمر بالتياسر لأهل العراق لا يتحقق معناه لأن التياسر امر إضافي لا يتحقق الا بالإضافة إلى صاحب يسار متوجه إلى الجهة وحينئذ اما ان تكون الجهة محصلة للقبلة واما أن لا تكون ويلزم من الأول التياسر عما وجب التوجه اليه وهو خلاف مدلول الآية وعن الثاني عدم امكان التياسر إذ تحققه موقوف على تحقق الجهة التي يتياسر عنها ثم يلزم مع تحقيق هذا الاشكال تنزيل التياسر على التأويل أو التوقف فيه حتى يوضحه الدليل. وهذا الاشكال مما لم تقع عليه الخواطر ولا تنبه له الأوائل والأواخر ولا كشف عن مكنونه الغطاء لكن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء وفرض من يقف على فوائد هذا المولى الأعظم من علماء الأنام ان يبسطوا له يد الانقياد والاستسلام وأن يكون قصاراهم التقاط ما يصدر عنه من جواهر الكلام فإنها شفاء أنفس الأنام وجلاء الافهام غير أنه ظاهر الله جلاله ولا أولياءه فضله وإفضاله سوع لي الدخول في هذا الباب وأذن لي ان أورد ما يحضرني في الجواب ما يكون صوابا أو مقاربا للصواب فأقول ممتثلا لأمره مشتملا ملابس صفحه وغفره انه ينبغي ان يتقدم ذلك مقدمة تشتمل على بحثين ثم ذكر في البحث الأول ان لفقهائنا قولين أحدهما ان القبلة هي الكعبة للقريب والبعيد الثاني انها قبلة من في الحرم والحرم قبلة من خرج عنه وفي البحث الثاني ان من يشاهد الكعبة أو يتقين جهتها لا تياسر عليه ومن فقد الأمرين يرجع للعلامات لكن ذلك لا يوجب تيقن محاذاة القبلة اما كون التياسر امرا إضافيا فلا ريب فيه واما انه إذا كانت محصلة الخ فالجواب عنه انا قد بينا ان الفرض للبعيد على هذا القول استقبال الحرم فالتياسر حينئذ استظهار في مقابلة الحرم فان العلامات قد يحصل الخلل في مسامتتها إلى آخر ما ذكره.
وقال ابن الفوطي في مجمع الآداب: ان قطب الدين أبا المظفر أحمد بن محمود بن أبي بكر النباكتي الناسخ من الفضلاء الواردين مراغة في أيام مولانا السعيد نصير الدين أبي جعفر سنة 671 وكتب الكثير لنفسه ولغيره من تصانيف مولانا نصير الدين. ومن تلاميذ نصير الدين الطوسي قطب الدين أبو الثناء محمد بن مسعود بن المصلح الشيرازي الكازروني الأصل الحكيم المهندس نزيل تبريز قاضي القضاة بالروم قال ابن الفوطي: قدم مراغة إلى حضرة مولانا وسيدنا نصير الدين سنة 658 واشتغل عليه في العلوم الرياضية الخ...
وقال أيضا:
اتفق الحكماء الخمسة على رصد مراغة في أيام السلطان الأعظم هولاكو سنة 657 ورئيسهم نصير الدين وهم: فخر الدين الخلاطي وفخر الدين محمد بن عبد الملك المراغي ومؤيد الدين العرضي ونجم الدين التزويني وهؤلاء هم الذين اختارهم نصير الدين وانفذ السلطان في طلبهم. قدم فخر الدين منصور بن محمد بن محمود بن منصور الكازروني الحكيم الطبيب مراغة سنة 654 إلى حضرة مولانا السعيد نصير الدين أبي جعفر فأكرمه اكراما تاما وأنزله بالمدرسة الصدرية وكان معه كتب كثيرة من الحكمة والطب ومد له من ذلك فلم يلتمس مولانا سوى كتاب واحد.
وقال في الدرر الكامنة: ذكر لنا عمر بن الياس بن يونس المراغي أبو القاسم الصوفي كمال الدين انه جالس خواجة نصير الدين الطوسي.
وفاته يفهم مما ورد في الكتاب الذي ظن أنه كتاب الحوادث الجامعة وهو يسرد حوادث سنة 672 انا أباقا خان جاء في هذه السنة إلى بغداد لقضاء فصل الشتاء فيها يصبحه الأمراء ورجال الجيش والخواجة نصير الدين الطوسي فلما انقضى الشتاء رجع الملك إلى عاصمته الصيفية وبقي الطوسي في بغداد يتفقد الأوقاف وينظمها ويعين رواتب الفقهاء والمدرسين والصوفية إلى أن أدركه الاجل تلك السنة.
وقد رثي كثير عربي وفارسي فمما قاله بهاء الدين عيسى الأربلي في رثائه ورثاء عز الدين الأربلي الذي توفي في نفس السنة:
ولما قضى عبد العزيز بن جعفر * وأردفه رزء النصير محمد جزعت لفقدان الاخلاء وانبرت * شؤوني كمرفض الجمان المبدد وجاشت إلي النفس حزنا ولوعة * فقلت تعزي واصبري فكان قد وكان قد أوصى ان يدفن في جوار الإمام موسى الكاظم فنفذت وصيته.
شعره بالعربية من شعره قوله: