بقرب الأجل أ يؤخره شرب الخمر؟ فقال [له] الفقيه لا فقال والله لا لقيت الله سبحانه وقد استعملت ما حرمه علي ولم يشربها.
فلما أيس من نفسه أحضر الأمراء وسائر الأجناد ووصاهم بتسليم البلد إلى ابن عمه عز الدين مسعود بن مودود بن زنكي واستحلفهم على ذلك فقال له بعضهم إن عماد [الدين] ابن عمك أيضا وهو زوج أختك وكان والدك يحبه ويؤثره وهو تولى تربيته وليس له غير سنجار فلو أعطيته البلد لكان أصلح وعز الدين له [من البلاد] من الفرات إلى همذان ولا حاجة به إلى بلدك فقال له إن هذا لم يغب عني ولكن قد علمتم أن صلاح الدين قد تغلب على عامة بلاد الشام سوى ما بيدي، ومتى سلمت حلب إلى عماد الدين يعجز عن حفظها وإن ملكها صلاح الدين لم يبق لأهلنا معه مقام وإن سلمتها إلى عز الدين أمكنه حفظها بكثرة عساكره وبلاده.
فاستحسنوا قوله وعجبوا من جودة فطنته مع شدة مرضه وصغر سنه ثم مات وكان حليما كريما عفيف اليد والفرج واللسان ملازما للدين لا يعرف له شيء مما يتعاطاه الملوك والشباب من شرب خمر أو غيره حسن السيرة في رعيته عادلا فيهم.
ولما قضى نحبه أرسل الأمراء إلى أتابك عز الدين يستدعونه إلى حلب فسار هو ومجاهد الدين قايماز إلى الفرات وأرسل احضر الأمراء عنده من حلب فحضروا وساروا جميعا إلى حلب ودخلها في العشرين من شعبان،