فلما رأوه ظنوه عمل لأجل اللعب فيه فسخروا من العاضد فأخذ إنسان فضرب به فضرط فتضاحكوا منه ثم آخر كذلك وكان كل من ضرب به ضرط فألقاه أحدهم فكسره فإذا الطبل لأجل قولنج فندموا على كسره لما قيل لهم ذلك.
وكان فيه من الكتب النفيسة المعدومة المثل ما لا يعد فباع جميع ما فيه ونقل أهل العاضد إلى موضع من القصر ووكل بهم من يحفظهم وأخرج جميع من فيه من أمة وعبد فباع البعض وأعتق البعض ووهب البعض وخلا القصر من سكانه كأن لم يغن بالأمس فسبحان الحي الدائم الذي لا يزول ملكه ولا تغيره الدهور ولا يقرب النقص حماه.
ولما اشتد مرض العاضد أرسل إلى صلاح الدين يستدعيه فظن ذلك خديعة فلم يمض إليه فلما توفي علم صدقة فندم على تخلفه عنه وكان يصفه كثيرا بالكرم ولين الجانب وغلبة الخير على طبعه وانقياده وكان في نسبه تسع خطب لهم بالخلافة وهم الحافظ والمستنصر والظاهر والحاكم والعزيز والمعز والمنصور والقائم والمهدي ومنهم من لم يخطب له بالخلافة أبوه يوسف بن الحافظ وجد أبيه وهو الأمير أبو القاسم محمد بن المستنصر وبقي من خطب له بالخلافة وليس من آبائه المستعلي والآمر والظافر والفائز وجميع من خطب له منهم بالخلافة أربعة عشر خليفة منهم بإفريقية المهدي والقائم والمنصور والمعز إلى أن سار إلى مصر ومنهم بمصر المعز المذكور وهو أول من خرج إليها من أفريقية والعزيز والحاكم والظاهر والمستنصر والمستعلي والآمر والحافظ والظافر والفائز والعاضد وجميع مدة ملكهم من حين ظهر المهدي بسجلماسة في ذي الحجة من سنة تسع وتسعين ومائتين إلى أن توفي العاضد مائتان واثنتان وسبعون سنة