يا أعداء الله ما أعقكم بأمكم حين تنتفون منها إنما تلك أمكم واليها مصيركم ثم إن الخوارج أقامت عليهم أشهرا حتى هلك كراعهم ونفدت أطعمتهم واشتد عليهم الحصار وأصابهم الجهد الشديد فدعاهم عتاب بن ورقاء فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد أيها الناس فإنه قد أصابكم من الجهد ما قد ترون فوالله إن بقى إلا أن يموت أحدكم على فراشه فيجئ أخوه فيدفنه إن استطاع وبالحرى أن يضعف عن ذلك ثم يموت هو فلا يجد من يدفنه ولا يصلى عليه فاتقوا الله فوالله ما أنتم بالقليل الذين تهون شوكتهم على عدوهم وإن فيكم لفرسان أهل المصر وإنكم لصلحاء من أنتم منه أخرجوا بنا إلى هؤلاء القوم وبكم حياة وقوة قبل أن لا يستطيع رجل منكم أن يمشى إلى عدوه من الجهد وقبل أن لا يستطيع رجل أن يمتنع من امرأة لو جاءته فقاتل رجل عن نفسه وصبر وصدق فوالله إني لأرجو إن صدقتموه أن يظفركم الله بهم وأن يظهركم عليهم فناداه الناس من كل جانب وفقت وأصبت اخرج بنا إليهم فجمع إليه الناس من الليل فأمر لهم بعشاء كثير فعشى الناس عنده ثم إنه خرج بهم حين أصبح على راياتهم فصبحهم في عسكرهم وهم آمنون من أن يؤتوا في عسكرهم فشدوا عليهم في جانبه فضاربوهم فأخلوا عن وجه العسكر حتى انتهوا إلى الزبير بن الماحوز فنزل في عصابة من أصحابه فقاتل حتى قتل وانحازت الأزارقة إلى قطري فبايعوه وجاء عتاب حتى دخل مدينته وقد أصاب من عسكرهم ما شاء وجاء قطري في أثره كأنه يريد أن يقاتله فجاء حتى نزل في عسكر الزبير بن الماحوز فتزعم الخوارج أن عينا لقطري جاءه فقال سمعت عتابا يقول إن هؤلاء القوم إن ركبوا بنات شحاج وقاذوا بنات صهال ونزلوا اليوم أرضا وغدا أخرى فبالحري أن يبقوا فلما بلغ ذلك قطريا خرج فذهب وخلاهم (قال أبو مخنف) قال أبو زهير العبسي وكان معهم خرجنا إلى قطري من الغد مشاة مصلتين بالسيوف قال فارتحلوا والله فكان آخر العهد بهم قال ثم ذهب قطري حتى أتى ناحية كرمان فأقام بها حتى اجتمعت إليه جموع كثيرة وأكل الأرض واجتى المال وقوى ثم أقبل حتى أخذ في أرض أصبهان ثم إنه خرج من شعب
(٥٨٥)