بطوله ليظهر لك مواقع النظر فيه من غير ما ذكرناه أيضا خصوصا فيما ذكره من التوجيه لكلام الجماعة الذي جعل نتيجته ما لا يقولون به، من اثبات اليمين لبينة التلف دون بينة الاعسار.
ومن الغريب قوله بعدم احتياج الثانية إليه، مع اعترافه بأنها إنما تفيد الظن القوى بسبب الصحبة بأن مستندها التلف، ومعلوم أن مثل ذلك لا يخرجها عن كونها بينة نفى، وعن احتمال كون مستندها الأصل المعلوم قطعه كما أوضحناه سابقا وأغرب منه عدم ذكره الوجه الظاهر من كلماتهم في تشقيقه عدم اعتبار الاطلاع في بينة التلف من أن مرادهم جميع الأموال المستلزم لثبوت الاعسار، وأن مثله لا يعتبر فيه الاطلاع بالصحبة ولا اليمين، لأنها فرد من بينة الاثبات، ولا ينحصر طريق علمها بذلك في الصحبة، ولو فرض أن بينة الاعسار كذلك، استغنت عن اليمين أيضا، إلا أنك قد عرفت احتمالها وأنها ظاهرة مع الصحبة في أن مستندها الاطلاق على التلف، كما أنه لو فرض كون بينة التلف على تلف مال مخصوص، اتجه اعتبار اليمين من المديون في نفي دعوى غيره، وما حكاه عن التذكرة من عكس الأمر إنما ذكره احتمالا، مع أن الظاهر خروجه عن موضوع البحث كما اعترف به في جامع المقاصد، لأن ظاهر كلامه فرض شهادة البينة على تلف المال الذي في يده ظاهرا لا جميع الأموال، واليمين حينئذ مع عدم اعتراف الخصم بعدم غيره متوجه كما ذكرناه، بل لعل ما حكاه عنها أيضا من عدم احتياج اليمين في البينتين خارج أيضا، لظهور كلامه في عدم اليمين مع بينة الاعسار التي تؤل إلى بينة التلف في معلومية كون مستندها العلم بتلف جميع أمواله، وأنها غير محتملة لأن يكون مستندها الأصل، فإنه جعلها كالبينة على عدم الوارث فلاحظ وتأمل.
وبالجملة كلامه في المقام لا يخلو من نظر من وجوه، ثم قال: (واعلم أن الخبرة المعتبرة في شهود الاعسار إن اطلع الحاكم عليها فلا كلام، وإلا ففي الاكتفاء بقولهم له أنهم بهذه الصفة وجه قوي، وقطع به في التذكرة) قلت لا ريب في ضعفه،